فهد عبدالله العجلان
اليوم ثمة حقيقة ساطعة كالشمس في منطقة الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة الأميركية وهي القوة العظمى التي كانت تملك زمام المبادرة في خلق الاستقرار ودعمه بل وفرضه بالقوة إذا استلزم الأمر أصبحت مع رئيسها الأكاديمي باراك أوباما لا تختلف عن أي متفرج دولي على الأحداث، بل إن سياستها الأخلاقية أصبحت أقرب إلى احتواء المجرمين ومساومتهم أكثر من محاسبتهم وردعهم.
هذا الواقع المتأزم في منطقة تموج بالأطماع والصراعات أفرز واقعاً مغرياً لأرباب القوى وأنصافها باستثمار الفراغ!
الفراغ غير موجود في قاموس الفيزيائيين وكذلك السياسيين من باب أولى، وفي منطقة الشرق الأوسط يصبح الفراغ مستحيلاً، وقد كان حوار الرئيس الرومانسي أوباما واضحاً في صحيفة (New York Times) في أبريل من العام المنصرم مع توماس فريدمان المهتم بخبايا المنطقة، وقد بات جلياً أن حقيقة الفراغ ليست سوى صكاً مفتوحاً لمجرم هارب من العدالة طيلة عقود ليكون شرطياً لمنطقة وقعت تحت وطأة جرائمه عقوداً! لكن للأمانة لم يكن حديث الرئيس أوباما مفاجئاً للعرب بل إن خبراء سياسيين أمريكيين جاءت تصريحاتهم مغايرة لما قال وكأنها اعتذاراً أو تفهماً خجولاً لرومانسيته المفرطة!
اليوم بعد الاتفاق النووي مع الإيرانيين استبشر الجميع بتحول إيران إلى شريك فعال في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة لكن الأفعال كانت أبلغ من الأقوال فقد أعادت إيران سيرتها الأولى في اقتحام البعثات الدبلوماسية وحرقها والعبث بمحتوياتها حين أقدم الحرس الثوري الذراع الأمني للثورة الإيرانية بإحراق السفارة السعودية والدفاع عن إرهابي خارج عن القانون في بلاده!
قوى الاعتدال في المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية كانت الأكثر واقعية في قراءة المنطقة ونتائج واقعها الجديد، فكان الفعل السياسي الناضج القادر على تحديد بوصلة تحديات الاستقرار حاضراً بقوة، فجاءت عاصفة الحزم لإنقاذ الشرعية في اليمن والتي وقعت تحت وطأة عصابات تحمل وهماً أديولوجياً غرسه الحرس الجمهوري الإيراني ليجرد المواطن اليمني من كل مقدرات الحياة، وشعارات الموت لأمريكا ولإسرائيل التي روجها الحوثيون أدرك اليمنيون بعد التجربة أنها لا تتجه إلا لصدورهم وأن الموت ليس إلا ضيفاً في بيوتهم..
موقف المملكة العربية السعودية الحاسم تجاه مليشيات الحوثي خاصة والتدخلات الإيرانية في المنطقة عامة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن جهدها المتواصل للحرب ضد الإرهاب التي يذكي نارها اليوم أطراف يعتقدون أنهم يحققون مكاسب جوهرية بينما الواقع وشواهد التاريخ تثبت أنهم يوقدون ناراً لن يتحكم في مسارها سوى الريح!