هدى بنت فهد المعجل
بناء على الورقة المقدمة من وزارة الزراعة في ورشة «الحد من الفاقد والهدر الغذائي» التي أقيمت في الرياض مؤخراً، جاء فيها أن كمية الهدر الغذائي بالمملكة سنوياً تُقدّر بـ 49,833 مليار ريال يقابل ذلك هدر للموارد كالتربة والمياه والطاقة التي تستخدم في إنتاج وتصنيع المواد الغذائية.
وفي دراسة محلية اطلعت عليها قبل مدة أكدت أن 90% من الأكل في الحفلات لا يستفاد منه هذا محلياً. أما بالنسبة لمعدل الهدر الغذائي العالمي فإنه يبلغ 30% تقريباً من الغذاء المنتج سنوياً يستهلك 173 مليار متر مكعب من الماء تقدر قيمته ب 970 مليون دولار، تشكل المملكة الأعلى في كمية استهلاك الفرد من المياه والكمية المهدرة من الغذاء مقارنة بعدد دول العالم. أما عدد الجياع في العالم يبلغ 795 مليون نسمة وتوفير ربع الطعام المهدر سنوياً وعلى مستوى العالم يمكن أن يوفر الطعام لـ 870 مليون نسمة قد تكفي للقضاء على الجوع نهائياً. نقول «يمكن» وهذه الـ(يمكن) لا تخدم ما لم ينتقل الكلام وتنتقل المفاهيم من كونها مفاهيم إلى أفعال وتطبيقات. من ذلك مفهوم الأمن الغذائي وبرنامج الأغذية العالمي وبرامج كثيرة غيرها هدفها الحد من هدر الأغذية بالتالي توفير الغذاء للعالم.
بالنظر إلى مفهوم «الأمن الغذائي» نجد أنه خطوة مهمة في تعزيز ووضع مناهج متكاملة لحل إشكالات الغذاء والتغذية حيث يراد بالأمن الغذائي «حصول كل الناس في كل الأوقات على غذاء كافٍ لحياة نشطة وسليمة». هو تعريف يشتمل على ثلاثة مبادئ:
1 - توافر الإمدادات الغذائية.
2 - استقرارها.
3 -إمكانية الحصول عليها.
بينما اللا أمن الغذائي يعني الافتقار إلى القدرة على تحصيل الغذاء. السؤال: ما الذي نلمسه الآن على أرض واقع العالم في وجود الأمن الغذائي وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها من البرامج! الهدر الغذائي المشكلة المحلية بالدرجة الأولى عند مجتمع وظف شخصية «حاتم الطائي» شر توظيف عندما انتقل بالشخصية من مفهوم الكرم إلى مفهوم البذخ والمبالغة والهدر للطعام بذريعة الكرم. ولد حاتم في فترة ما قبل الإسلام، ويقال عاش مسيحياً. عندما قرأت سيرته مع الكرم شعرت أنه أراد به شيء من المدح أو اتساع رقعة مدحه وصيته والثناء على سخائه في الأمصار. دليل ذلك هذه القصة «عند نقاشه مع والده عندما قدم لضيوفه كل الإبل التي كان يرعاها وهو يجهل هويتهم وعندما عرفهم كانوا شعراء ثلاثة عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم والنابغة الذبياني وكانت وجهتهم النعمان فسألوه القرى (أي الطعام الذي يقدم للضيف) فنحر لهم ثلاثة من الإبل فقال عبيد: إنما أردنا بالقرى اللبن وكانت تكفينا بكرة، إذ كنت لا بد متكلفاً لنا شيئاً، فقال حاتم: قد عرفت ولكني رأيت وجوهًا مختلفة وألوانًا متفرقة فظننت أن البلدان غير واحدة فأردت أن يذكر كل واحد منكم ما رأى إذا أتى قومه، فقالوا فيه أشعارًا امتدحوه بها وذكروا فضله». شتان بين الكرم بنية المدح والثناء واتساع رقعة الصيت وبين الكرم الذي أشار إليه القرآن في عدة مواضع وأراد منه الإحسان إلى الضيف وتقديره. (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) «سورة هود الآية 69». الكرم فضيلة من فضائل الأزمان وليس البذخ المبالغ فيه بحيث نتخذ من حاتم مثلنا ونبالغ في البذخ والعطاء والسخاء تقليداً أو تبعاً ومنهجاً أكثر من كونه تقديراً للضيف (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا) استنكاراً من عدم إكرام الضيف وليس من عدم المبالغة في الكرم والسخاء مبالغة وصلت بنا إلى هدر الطعام في مقابل مجاعات تجتاح العالم فلا نحن وفرّنا الطعام المهدر لهم، ولا نحن أعدنا تدوير مخلفات الأغذية كوقود أسوة بدول فعلت ذلك. قرأت قبل سنة تقريبًا أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قدمت دراسة حول إمكانية إعادة استخدام مخلفات الطعام وتحويلها إلى سماد لاستخدامه في تحسين خصائص التربة الزراعية وزيادة نسبة السطحات الخضراء في الحي الجامعي، وتهدف الدراسة إلى الحفاظ على البيئة في الحي الجامعي وتعزيز معايير الصحة والسلامة، وتطبيق مفهوم التنمية المستدامة عملياً في إعادة استخدام المصادر. في وقتها طرح الباحثون، وهم: الدكتور سمير عبدالجواد من قسم الهندسة الكهربائية، الدكتور أمجد خليل من قسم الأحياء، الدكتور بسام الطوابيني من قسم علوم الأرض، الدراسة في الملتقى العلمي الثالث للعاملين في مجال السلامة بالجامعات الذي نظمته جامعة الملك عبد العزيز في تلك الفترة، وركزت هذه الدراسة على تدوير المخلفات العضوية التي تشتمل بشكل أساسي على مخلفات الأطعمة من الفواكه والخضروات واللحوم والحبوب وهي غنية بعنصر النيتروجين. كما تشتمل تسمية المخلفات العضوية على المخلفات الخضراء التي تتكون من أعشاب ونباتات وأشجار ومخلفات الأخشاب وهذه المكونات تعتبر غنية بعنصر الكربون. الدراسة وإن كانت معنية بالجامعة إلا أنها قابلة لأن تطبق على مستوى مناطق المملكة وهي أضعف الإيمان طالما نجد صعوبة في وقف الهدر الغذائي.