برنامج شامل لتحسين تنافسية بيئة الاستثمار بمتابعة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ">
متابعة - محمد السلامة وماجد العيد / تصوير - أحمد يسري:
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - انطلقت مساء أمس في الرياض فعاليات منتدى التنافسية الدولي التاسع الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار، تحت شعار «تنافسية القطاعات»، إضافة إلى المعرض المصاحب للفعاليات الذي يحمل عنوان «استثمر في السعودية»، بمشاركة وحضور نخبة من قادة الاقتصاد والفكر والأعمال من المملكة والعالم.
وكشف محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف العثمان في كلمته، أن الهيئة بدأت في تطبيق برنامج شامل لتحسين تنافسية بيئة الاستثمار في المملكة، وحل المعوقات التي تواجه المستثمرين ضمن توصيات محددة بمدد محددة، وهذا البرنامج الذي أعد بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية، اعتمده المقام السامي الكريم مؤخراً، ويتم الرفع بتقرير شهري حوله لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لمتابعة تنفيذ جميع توصياته ليرى ما يتم تطبيقه على أرض الواقع.
وكانت مصادر مطلعة تحدثت لـ «الجزيرة» في وقت سابق، قد ذكرت أن لجنة حكوميَّة تضم إلى جانب الهيئة العامَّة للاستثمار ممثلي عدد من الجهات ذات العلاقة بقطاع الاستثمار في المملكة، تعكف على العمل لتحسين مناخ بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي، ومراجعة الآليات وتسهيل الإجراءات وتطويرها، إلى جانب الوقوف على العقبات والمعوقات كافة التي تواجه الاستثمار والمستثمرين وتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة لمعالجتها، وذلك في مسعى للاتفاق على الآليات المناسبة لتحقيق هدف الوصول بتنافسية البيئة الاستثمارية في البلاد إلى أن تكون في مصاف أفضل الدول في العالم وفقاً لمعايير ومؤشرات التنافسية العالمية. ووفق المصادر ذاتها، فإنَّ هذا التحرك يأتي إنفاذا لتوجيهات عليا صدرت إلى نحو 34 جهة حكومية باستمرار هذه الأجهزة بالتنسيق مع هيئة الاستثمار لوضع آلية تنفيذية بأهداف زمنية محددة لمعالجة أسباب تراجع تنافسية البيئة الاستثمارية في البلاد وعدم التحسن في تقرير التنافسية العالمي والتوصيات المقترحة لمعالجتها.
وبالعودة لكلمة المهندس العثمان الافتتاحية، فقد أكد أن المنتدى ينعقد في دورته هذا العام ونحن نعيش مناسبة عزيزة علينا، ألا وهي الذكرى السنوية الأولى لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي سبق له الفضل بافتتاح أولى دورات المنتدى حينما كان أميراً لمنطقة الرياض.
وعدد العثمان الإنجازات التي شهدتها المملكة في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين على مدى عام كامل، مؤكِّداً أنه «رغم الاضطرابات والحروب التي تعاني منها المنطقة، فقد شهد العام الماضي حراكاً تنموياً وتنظيمياً مكثفاً في المملكة؛ إِذْ صدرت العديد من القرارات، كما تم انتهاج السياسات والإجراءات الجادة الرامية إلى تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني، تلت هذه القرارات والسياسات إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ولفت النظر إلى أن من بين الإنجازات والقرارات تنظيم قطاع الإسكان، وفرض رسوم على الأراضي غير المطورة، للإسهام في توفير السكن، وتفعيل دور القطاع الخاص في التطوير العقاري، كما كان منها تأسيس هيئة تختص بتوليد الوظائف، وإصلاح منظومة الدعم الحكومي، ورفع كفاءة الإنفاق، وفتح الاستثمار للشركات الأجنبية في قطاع تجارة التجزئة بنسبة 100 في المئة، وإنشاء هيئة تعنى بدعم المشروعات والمنشآت الصَّغيرة والمتوسطة.
وأشار محافظ الهيئة العامة للاستثمار إلى وجود العديد من السياسات والإجراءات التي سيتم تطبيقها مستقبلا ومنها طرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة، وتذليل العقبات التشريعية والتنظيمية والبيروقراطية أمام القطاع الخاص، وتحسين مستويات الشفافية والمحاسبة، مبيناً أنها ستسهم في دعم الاقتصاد السعودي، الذي يحتل موقعاً بارزاً ضمن أكبر 20 اقتصاداً في العالم، وهو أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط بناتج إجمالي يقدر بحوالي 653 مليار دولار لعام 2015، كما يعد الاقتصاد السعودي رابع أسرع اقتصاد نمواً في مجموعة الـ 20 بعد الهند والصين وإندونيسيا.
وقال المهندس العثمان: سجل الإنفاق الحكومي في المملكة نمواً قوياً؛ إِذْ ارتفع من نحو 70 مليار دولار في عام 2005، إلى نحو 193 مليار دولار في عام 2015، وكل هذه المؤشرات الاقتصادية جعلت المملكة تحتل المركز الرابع عالمياً من حيث قوة الاقتصاد الكلي وفقاً لتقرير التنافسية الدولي (2015 - 2016).
وحول تعزيز التنافسية في المملكة، أبان أن الهيئة عملت مؤخراً، بدعم وإشراف من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، على عدة برامج، منها إعداد خطة وطنية تتضمن تطوير خطط للاستثمار في 18 قطاعاً لرفع تنافسيتها وجاذبيتها. وضرب المهندس العثمان مثلاً بالخطة الاستثمارية للرعاية الصحية التي ستوفر فرصاً استثماريةً واعدةً تقدر قيمتها بـ 40 مليار ريال، متناولاً كذلك خطة الاستثمار في قطاع التعليم ، موضحاً أنها تضمنت فرصاً تبلغ قيمتها 25 مليار ريال.
وفي قطاعي التعدين والنقل، أفاد بأن خطة الاستثمار في قطاع التعدين حددت فرصاً بقيمة 40 مليار ريال؛ إِذْ تعد المملكة من أكبر دول العالم من حيث وفرة الموارد المعدنية، كما حددت خطة الاستثمار في قطاع النقل فرصاً تقدر قيمتها بـ 435 مليار ريال، مؤكِّداً في هذا الصدد أن الخطة الوطنية بدأت في جني ثمارها حيث تم ـ على سبيل المثال ـ توحيد وإقرار مواصفات ومعايير موحدة للعربات في مشروعات المترو؛ مما يمكن من استقطاب استثمارات ضخمة لتصنيع العربات محلياً، مع تضمين عقود الصيانة والتشغيل ما ينص على الالتزام بالتوطين بحيث يصل المحتوى المحلي إلى 55 في المئة.
وحول الهيئة ومراكز الخدمة فيها، أوضح المهندس العثمان أنه تم تسهيل إجراءات إصدار التراخيص، بما في ذلك تطبيق قرار تقليص المدد الزمنية للبت في طلبات الاستثمار إلى خمسة أيَّام كحد أقصى، وتقليص عدد المستندات المطلوبة إلى ثلاثة، وجعل مدة التراخيص أكثر مرونة؛ بما يتناسب مع تفعيل النشاط لمدة تصل إلى 15 عاماً، ووضع ضوابط لإصدار تأشيرة مستثمر لرواد الأعمال بهدف تمكين الاستثمارات المبتكرة، والمستهدفة في سياق تطوير شامل للخدمات التي تقدمها الهيئة للمستثمرين بالتعاون مع الجهات الحكومية الممثلة في مراكز الأعمال.
عقب ذلك، شاهد جميع حضور المنتدى فيلماً وثائقياً تناول عرضاً تاريخياً لدورات منتدى التنافسية السابقة والدورة الحالية وما أسهمت به من مناقشات وقرارات مهمة على المستوى المحلي والحضور الدولي الذي شهدته دوراته السابقة. وفي نهاية الحفل، كرّم محافظ الهيئة العامة للاستثمار الرعاة ومن بينهم صحيفة الجزيرة والتقاط الصور التذكارية بهذه المناسبة.
عقب ذلك، تجول وأصحاب السمو والمعالي في المعرض المصاحب الذي تشارك به عدة جهات حكومية خصوصاً لإبراز دورها التنافسي.
يذكر أن فعاليات المنتدى الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار خلال الفترة 24 - 26 يناير الجاري، يتضمن 12 جلسة، وتسع كلمات رئيسية، وخمس ورش عمل، وثمانية عروض رئيسية، وجلسة حوارية واحدة. كما تشمل إقامة معرض «استثمر في السعودية» الذي تشارك فيه هذا العام 25 جهة ما بين مؤسسات حكومية وشركات صناعية عملاقة وهيئات مالية. وتركز جلسات المنتدى وورش العمل المصاحبة لها على استعراض أبرز التجارب العالمية في مجال تنافسية القطاعات، وتبادل الأفكار والخبرات في القطاعات ذات التأثير الكبير في دعم الاقتصادات الوطنية؛ للإفادة منها في دعم تنافسية القطاعات السعودية. كما تسلط الضوء على القطاعات ذات الأولوية، التي لها تأثير مباشر في التنمية الاقتصادية والبشرية، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال، وهذه القطاعات هي الرعاية الصحية، النقل، التعليم، تقنية المعلومات والاتصالات السياحة، الخدمات المالية، العقارات التي ستتم مناقشتها بتوسع خلال جلسات المنتدى.