محمد بن عبدالله آل شملان
من مرحلة الثلاثينيات وحتى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، تلك كانت مرحلة التأثر والتكوين والفورة وبناء أسس تكوين الابن الخامس والعشرين لمؤسس الوطن (عبدالعزيز) -طيب الله ثراه-، من عايش تلك الفترة يتذكر جيداً، شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- التي كان يميزها المماثلة لأسلوب المدرسة، والمجانسة في ملامح الشخصية، يذكرون المليك الحاذق الذي له موقعه الأسري الهام وحنكته الذهنية الفريدة، وفراسته التي لا مثيل لها، يذكرون المؤرخ الذي خزَّن التاريخ السياسي للملك عبدالعزيز والملوك الخمسة من بعده، يذكرون الذي أحيا (الفخر) وسباق التنافس في مجال الأسلوب الأبوي التربوي لـ»عبدالعزيز» وكتب الذكريات وقالها بأجمل وأبهى السرد في عالم النسيان.
ذلك الجيل تذَّكر جيداً -وبقوة- في الفترة الحالية أن ممارسة الملك سلمان في الإدارة والحكم، كان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، الذي صادق وجالس العرب والأجانب، كان معه أسلوب من خلال مثابرته على اللقاءات والزيارات والمواعيد والضيافات، وعبر معرفة الأسر والقبائل وفروع البادية، وعبر مجالسة الشيوخ وتقدير العلماء، في قوة الإيمان والصلة بالقرآن عودوا إلى الصور وشاهدوا.. والفيديو واسمعوا.. أين دروس سلمان، كانت القيم والفضائل فيها دائماً.
عبدالعزيز علّم سلمان مهارة القيادة وهيبتها وإرث الاستحقاق للحكم من خلال فرص تراكمية متنوعة أتيحت له عبر السنين، هكذا تحدّث مقامه الكريم ـ يحفظه الله ويرعاه ـ كثيراً عن تلك الدروس من الأب والقائد والزعيم والملك، كان أعذب حديث عنده وما يزال عن عبدالعزيز رحمه الله.
لهذا عندما تسلَّم عاهل الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني من عام 1436هـ، فإنها كانت تُستحضر تلك العلاقة، وهذا الإلهام والحب والوفاء لتلك السيرة والمحافظة على أمانة قيادة الدولة في تعاضد من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع، والسير بها نحو آفاق ومنجزات وفق خطط متزنة وبرامج تنموية طامحة شاملة لجميع المجالات وجعلها رقماً صعباً في عالم بناء الدول وتنميتها. فوطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) لم يكن يسير نحو الغد، كان في سباق مع أحلامه المشرعة وطموحاتها الواسعة لكن بخطى راسخة مستلهمة رِفْعةَ شأن هذا الوطن وعزة وكرامة أبنائه في كل مشاريعه ومراحل تطوره، يعلم أن طموحه لا حدود له في زمن مضطرب كل ما فيه مقلق ومحيّر، وتتزلزل حالاته في كل لحظة.
سلمان بن عبدالعزيز لنا في هذا العصر هو: قصة النجاح والطموح وصناعة المعجزات، صنعها في أحلام العزم والحسم والأمل، في الالتزام بالمواثيق الدولية والمدافعة عن القضايا الإسلامية والعربية، في هيكلة هرم القيادة والأجهزة التنفيذية العليا لتسريع مسيرة العمل واتخاذ القرارات المناسبة لكل ما يهم المواطن ويخدم الوطن، في حب البذل وأعمال البر والإحسان والعطف على فئات المحتاجين، في مكافحة الإرهاب وتنفيذ أحكام الله في الإرهابيين، في الإشراف والمتابعة للحرمين الشريفين الأكثر قداسة في العالم، في عاصفة الحزم ضد الحوثيين الانقلابيين في اليمن الشقيق لاستعادة الشرعية ومن بعدها عملية إعادة الأمل لبناء اليمن السعيد، في الوفاء والحب لمؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وإخوانه الملوك والأمراء، في نصرة قضية العرب الأولى قضية فلسطين، في دعم مشروعات وبرامج الحفاظ على التراث الوطني ومتابعة حراك المشهد الحضاري والتاريخي، في إبراز البعد الحضاري لأرض المملكة بما يرسخ مكانتها الحضارية وعمقها التاريخي وتوصيلها إلى العالمية، في التفاعل مع قضية الإعاقة واحتياجات المعوقين، في تقديم الدعم المادي والمعنوي وتشريف المناسبات الرياضية والالتقاء بأبنائه وأشقائه الرياضيين غير مرة، في تسخير الموارد المحدودة لبناء المجتمع والمدينة، في تعزيز التجارة وتطور الاقتصاد، في فنون الترويج لمبدأ واجب الحاكم على المحكوم التي يحرص عليها أثناء استقبالاته الدورية بين الفينة والأخرى لأبناء الوطن، في تبادل الرأي والمشورة في قضايا المجتمع، في (الأمة الإسلامية) النموذج الذي يحلم أفرادها الوصول لمواطن قوتها ورؤيتها، في دولة الرفاهية، في قيم نعمة الأمن والسلام، في محبة الوطن، في الإيمان بالشباب والتمكين، في الاعتزاز بالمرأة ورعاية الطفل، في احترام الآخر والعيش معه بود وتعاون، في تنويع مصادر الدخل ودعم الصناعة لتوفير بدائل للبترول، في تقدير الإعلام والإعلاميين، في المشاركات الاجتماعية سواء في الأفراح والتعازي وزيارة المرضى، في اللحمة الوطنية ووحدة النسيج الاجتماعي والالتفاف الوطني حول قيادته التي قل أن نجدها في مجتمع آخر، في العيش بطاقة إيجابية مهما كان ظلام المحيط الذي يدور حولك والعراقيل والمنغصات.
سلمان بن عبدالعزيز كل هذا وأكثر، إنه قصة نجاح وحب زرعها في ثرى هذا الوطن الطاهر وإنسانه، وسكنت في وجدان وذاكرة وأمل كل من عرفه أو شاهد صنعه ومنجزاته..إنه فينا كلنا.
أدعو الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- وأن يمدهم بعونه وتوفيقه لخدمة هذا الوطن، وأن يحفظ المملكة العربية السعودية وشعبها إنه سميع مجيب.