سلطان بن سلمان: الهيئة أتمت جميع متطلبات البناء النظامي.. وتمنينا لقاء اليوم في إحدى الوجهات السياحية ">
الجزيرة - عبد الرحمن المصيبيح / تصوير- فتحي كالي:
برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أقامت الهيئة أمس الأربعاء لقاءها السنوي الذي كان ضيفه رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ.
وأعلن الأمير سلطان بن سلمان خلال كلمته الافتتاحية عن إطلاق مبادرة «المملكة العربية السعودية وجهة المسلمين» والتي تقوم على أن تكون المملكة وجهة المسلمين كما هي قبلتهم من خلال تهيئة السبل ليأتي المسلم إلى المملكة من خلال برنامج «سياحة ما بعد العمرة» معتمراً وزائراً ليستمتع في بلاد الحرمين بسياحة روحية واستشفائية وسياحة أعمال وتكون رحلة مفيدة لنفوسهم وأرواحهم.
مشيراً سموه إلى أن هذه المبادرة التي ستكون متزامنة مع إطلاق برنامج سياحة ما بعد العمرة ستعلن تفاصيلها لاحقاً، وأضاف: «نحن نريد أن نحكي للمسلمين قصة الإسلام عبر المواقع، ونريد أن يأتي المسلم.. يأتي ويطمئن ويتعلم ويستفيد ويعود بتجربة متكاملة إلى بلاده يتوق فيها للعودة إلى بلاد الحرمين».
وأشار سموه إلى أن اللقاء السنوي هذا العام يتزامن مع إتمام الهيئة عامها الخامس عشر، حيث بدأت الهيئة صغيرة، وبأحلام وتطلعات وطموحات كبيرة، وحققت ولا تزال تحقق إنجازات كبيرة ومتسارعة، منوهاً بدعم ورعاية قيادات الدولة الذين عاصروا تأسيس الهيئة، الملك فهد والملك عبد الله والأمير سلطان والأمير نايف بن عبد العزيز - رحمهم الله -، وبدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي كان ملهماً وعوناً وهو قائدنا الآن وأكثر الحريصين على ربط المواطنين ببلادهم.
منوهاً بما حققته الهيئة من إنجازات مميزة خلال هذه المرحلة من عمرها، وفي مقدمتها شراكات الهيئة التي وقفوا وتضامنوا معها لتحقيق هذه الإنجازات.
وأضاف: «كرئيس للهيئة كنت أتمنى لو تحقق ما نصبو ونتطلع إليه، وتمنينا لو كنا نعقد لقاءنا اليوم في إحدى الوجهات السياحية التي بدأنا الإعداد لها منذ تسع سنوات، وتمنينا لو أن برنامج التمويل الذي بدأنا العمل عليه منذ تسع سنوات ولم يقر إلا هذا العام أن يكون قد أقر سابقاً وأن يضاهي القروض المقدمة للقطاعات الأخرى، خصوصاً أن قطاع السياحة يوفر فرصاً وظيفية أكبر من بقية القطاعات الممولة، وتمنينا لو كانت استراحات الطرق بالمستوى الذي يليق بمكانة المملكة ومواطنيها، وتمنينا لو أن مشاريع التراث العمراني التي بدأناها مع شركائنا المميزين، وفي مقدمتهم وزارة الشئون البلدية والقروية في القرى التراثية وأواسط المدن التاريخية وغيرها، أن يكون قد أنجز منها على الأقل 70 بالمائة حسب خطتنا لولا التأخير وضعف التمويل».
وأكد أن الهيئة تعلن أنها قد أتمت جميع متطلبات البناء النظامي، وبَنت قطاعاً اقتصادياً كان من الممكن أن يؤدي دوره في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة لو حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث وإعادة المكان إلى الإنسان.
وقال: «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي نرفع لمقامه الكريم التهنئة بالذكرى الأولى للبيعة أكد في كلمته الضافية في بداية توليه الحكم أن كل فرد منا مسئول وكل منا يجب أن يعلن مسئوليته بكل وضوح، والهيئة عملت بتضامن مع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعات المحلية وأسست مبادئ جديدة ليس فقط في علم الإدارة، ولكن أيضاً في علم التعاون وهو الأهم وفي مقدمتها الشراكات التي طرحت فكرتها على سيدي الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - حين ترأس أول مجلس إدارة للهيئة فباركها ودعمها، وسمعنا من يقلل من نتائجها ولكن بعد هذه المرحلة والنجاح الذي حققته هذه الاتفاقيات والشراكات صارت معظم الجهات تحتذي هذا النموذج، ورأينا كيف وقّعت أكثر من 200 اتفاقية للجهات الأخرى بعدما رأت جدواها».
وأشار سموه إلى أن المواطن اليوم أحوج ما يكون في هذا الوقت لمعرفة تاريخه وأن يدرك أنه وريث حضارات عظيمة.
وأضاف: «كان التحدي أن ننهي حالة الجفاء بين المواطن وتاريخ وطنه ولحُمة تأسيسه، وهذا التاريخ لا يترسّخ بالقراءة في الكتب بل بمعايشة المواقع التي شهدت قصص وملاحم تأسيس وتوحيد هذه البلاد، وإعادة المكان إلى الإنسان هي أكبر التحديات التي واجهتها الهيئة وما زالت تواجهها ولكنها تعمل بثقة مدعومة بتشجيع سيدي خادم الحرمين الشريفين وحثّه لنا على الانطلاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري بأسرع وقت ممكن».
ولفت الأمير سلطان بن سلمان إلى أن الهيئة مؤسسة تشرف على أكثر من 22 قطاعاً في كثير منها غير متجانس ولكنها تصدت لهذه المهمة بعقل وروية وهدوء مع كل الضغوط فيما يتعلق بالموارد البشرية أو بالإمكانات المالية.
وأضاف: «نحن استثمرنا في منسوبي البلديات والمحافظين من المحافظات والمهندسين وبعض من الجهات الحكومية في رحلات تعلمنا وإياهم كيف يحدث الفرق في تحويل موقع خرب إلى مورد اقتصادي وكيف تتحول قرية تراثية إلى مشروع استثماري».
وتابع سموه: «الهيئة قامت بكل الأعمال في مجال الأنظمة والتي كان مجلس الشورى شريكاً أساسياً وموجهاً، وكل ما وصلنا من ملاحظات من مجلس الشورى كانت حقيقة في مجملها في غاية الأهمية وتم استيعابها، الهيئة أتمت جميع المهام التي كلفتها بها الدولة ورفعت بجميع المشاريع التي وجهتها بها الدولة، والآن ننتظر التنفيذ من الدولة في إحداث النقلة الكبيرة للسياحة الوطنية، والهيئة لم تعد وحدها التي تطالب الآن بتطوير السياحة الوطنية وإحداث النقلة في التراث الحضاري الوطني، بل المواطنين الذين يتوقون لخدمات سياحية متطورة بأسعار ميسرة، وأن يعيش المواطن بلده ويتذوق طعم وطنه ويشم رائحته الجميلة.
وأضاف: «إذا كنا نريد من الناس أن يشاركوا ويبدعوا فلا بد أن يكونوا على اطلاع وإسهام في تحديد التوجهات والتحولات، وهذا ما آمنت به الهيئة عملياً عبر العمل مع المواطنين منذ إعداد الإستراتيجيات وتلتزم به في كل تحرك كما تعمل مع جميع أطراف العملية السياحية سواء المستثمرين الذين نقدم لهم برنامجاً للتأهيل كشرط للترخيص أو مع شركائنا الذين نعمل معهم، وهنا أؤكد أنه عندما يصل المسئول للمواطن فإنه يرتقي له ولا يجوز أن نقول إن المسئول ينزل للمواطن بل هو يعلو ليصل إليهم».
ورحب سموه بمعالي رئيس مجلس الشورى، وقال: نرحب اليوم بهذا الرجل الكبير بيننا معالي الشيخ الدكتور عبد الله، وهو حقيقة رجل دولة وهو يأتي من تاريخ طويل لرجال سبقوه هم رجال بنوا وساهموا في بناء هذه الدولة، وهو يمثل مظلة وطنية ومؤسسة وطنية لا تمثل الدولة فقط، لكن تمثل الوطن والمواطن، ومعاليه يدير هذا المجلس بحنكة عالية.
من جهته، قال ضيف اللقاء معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ إن المتتبع لعمل ونشاط الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي أنهت عامها الخامس عشر منذ انطلاقتها يلمس ما أحدثته هذه الهيئة من نقلة وثّابة في المجال السياحي على كافة الأصعدة سواء من حيث تنظيم القطاع وإيجاد المحفزات التي تسهم في النهوض به وعقد الشراكات مع المؤسسات المختلفة وإيجاد المبادرات بما يعود على هذا القطاع والمستفيدين منه بالنفع والفائدة.
وأضاف: «لقد سررت وأنا أرى الهيئة قد أنهت مرحلة البناء النظامي وأطلقت قبل فترة مرحلة التطوير الشامل بما يمثل مرحلة جديدة من الأداء بعد البناء المؤسسي واتخاذ تحقيق الأثر الملموس من قبل المواطنين معياراً لكل أداء».
وأكد معالي رئيس مجلس الشورى، أن السياحة اليوم هي صناعة شاملة تحتاج جهوداً متكاملة من كافة أجهزة الدولة حتى يتحقق ما يتطلع له قادة هذه البلاد من هذا القطاع الذي يُعد واعداً في منظومة بناء الاقتصاد الوطني من خلال ما يوفره من فرص وظيفية لشباب الوطن أو فرص استثمارية جيدة ذات مرود إيجابي على الوطن والمواطن والمستثمر، مثمّناً الجهود التي يقوم بها سمو رئيس هيئة السياحة وكافة العاملين في الهيئة من أجل خدمة قطاع السياحة في البلاد.
وأضاف، «إن مجلس الشورى وهو المطلع على أعمال أجهزة الدولة المختلفة من خلال ممارسته لدوره الرقابي والتنظيمي بموجب ما يكفله له نظامه ليدرك أهمية الهيئة وأدوارها المناطة بها للارتقاء بقطاع السياحة ويلمس عن قرب مقدار العمل المبذول في هذه الهيئة من أجل خدمة هذا القطاع وهو على استعداد تام للتعاون من أجل تسخير ما يمكن في سبيل صناعة مستقبل سياحي زاخر بالعطاء والتنمية لهذا البلد الكريم وأبنائه، وإذا كان لمجلس الشورى إسهامات في دراسة الأنظمة واللوائح المتعلقة بالشأن السياحي ومناقشة تقارير الهيئة السنوية، فإن هذا هو جزء من مهمته الوطنية التي يشرف بأدائها انطلاقاً من دوره في عملية التنمية والبناء بتوجيهات من قائد هذه البلاد المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.
واعتبر رئيس الشورى أن المراحل الأولية لتأسيس هيئة السياحة واجهت صعوبات كبيرة لعدة أسباب منها أنه كان هناك خشية أن تقع بعض الصور للسياحة الموجودة في بعض بلدان العالم إضافة إلى التوجس لدى البعض من طلاب العلم والمواطنين ولهم الحق في ذلك خصوصاً أن البلاد قامت على الشريعة الإسلامية، إلا أن العلماء نظموا هذا الجانب في الوقت الذي عزمت فيه الدولة على إنشاء هذا الكيان المتمثل بالهيئة رغم الصعوبات والتي لم تغفل باستشارة العلماء والاستئناس بآرائهم سواء على شكل تنظيري أو على شكل شرعي وأخذ مرئياتهم بهذا الجانب».
وزاد: «أتت المرحلة الكبرى وهي بنظري أهم كونها ترتبط بالتأسيس وترتبط بالاستمرار، إضافة إلى الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن يتولى ويدير هيئة السياحة، وكانت الصفات التي ينبغي أن تكون متوفرة فيمن تسند إليه المهمة إلى جانب أن يكون مقبولاً لدى الجميع ويحمل ثقة العلماء ويكون هناك اطمئنان لشخصيته الدينية والعلمية، وثقة بأنه سيوصل هذه الأعمال التي ستأتي بعد ذلك إلى مرحلة الأمان، إضافة إلى أنه لا بد أن يكون لديه الفهم والتميز ولديه القدرة على الإدارة، وهذه الأمور جميعها من الصعب أن تجدها في شخص واحد، ولكنها تحققت في شخصية الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، وهذه ليست مجاملة».
وأفصح رئيس مجلس الشورى في تصريحات صحفية، بعد اللقاء عن أن المجلس عبر لجانه المتخصصة لم يلاحظ أي مخالفات سجلتها الهيئة في مسيرتها خلال 15 عاماً، مشيراً إلى أن المجلس أنهى جميع ما قدم للمجلس من مقترحات ودراسات وجرى إرسالها لمقام خادم الحرمين الشريفين فيما يتعلق بالأنظمة والأسس المتعلقة بالقطاع السياحي.
وفيما يتعلق بزيادة الدعم المادي المقدم للهيئة، أوضح آل الشيخ أن أعضاء المجلس يتلمسون حاجة أي قطاع كان في الوقت الذي أوصى فيه المجلس لمقام خادم الحرمين الشريفين بأن يتضمن هذا القطاع دعماً وهو ما تحقق ولكن من باب التأكيد من قبل مجلس الشورى، مبيناً أن الهيئة أدت عملاً كبيراً جداً بالتزامن مع دعوات للتطوير وضخ الأموال من قِبل الدولة والمستثمرين الذين أدركوا أهمية هذا القطاع.
وتضمن اللقاء السنوي للهيئة تكريم عدد من الجهات والشخصيات التي أسهمت في دعم الهيئة، كما اشتمل على معرض يتضمن أبرز إنجازات الهيئة خلال 15 عاماً.