عايض البقمي
يقول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في كتابه الشهير (رؤيتي): الجائزة كبيرة.. والفشل كارثة وطنية. لذا استعدوا مع العداءين كلهم عندما تشرق الشمس في الصباح ثم سنعدوا مع العداءين كلهم عندما تغرب كل مساء. لكن لسنا في السباق لكي نعدوا فقط.. بل نريد الفوز..
تلك المقدمة تصور المشهد الفروسي في ثاني أمسية من أمسيات الفروسية الكبرى التي جرت أحداثها السبت الماضي وقدمت لنا بطلين غير مرشحين بنسبة كبيرة مقارنة بالجياد الأكثر ترشيحًا فعلها (ستيرأباوت) للإسطبل الأزرق وأغرق منافسيه في موقعة المستورد الطاحنة بخطة المبادرة الشجاعة التي سعى إليها المدرب الشجاع الذي لا يعرف اليأس الغريبان فواز وفجرها أيضًا المدرب الباسل مهدي العامري عبر جواده البتار (سيف الرياض) المغوار وبنفس خطة الغريبان بعد أن سبقه العامري بسلاح المبادرة الشجاعة لجواده وخياله المبهر لويس موراليس ينفذ المعلوم بتحركه المرسوم مع الـ400م الأخيرة تحت صهوة السيف بعد أن جنّح مثل الصقر مسابقًا للريح ومثله فعل (ستيرأباوت) بهجومه الكاسح مع نفس العلامة والـ400م تشهد ذلك الظهور المباغت.
انتصار (سيف الرياض) و(ستيرأباوت) يحاكي مقولة ذلك الشاعر:
عادتك مثلي إذا حان الرهاني
كل من راهن عليك اتجمّله
وعادتك مثلي إذا أحمر السناني
كنت أنت الحل له والمشكله
أمسية السبت الماضي أكَّدت مجددًا أن عالم سباقات الخيل لا يعترف بالترشيحات والمرشحين مهما كانت أسماؤهم وصولاتهم وبطولاتهم. غير أني خرجت من تلك الأمسية العاصفة بمدلولات أبعد من هذا العالم ومفاجآته وأن أدوار الخيال إمكاناته وبراعته واتخاذ التوقيت المناسب في المسافة المناسبة تتساوى مع إمكانية الجواد بل إني أضعها بنسب متساوية في طريق الفوز ولا سيما عندما يملك ذلك الفارس أعصابًا من الفولاذ والمهارة التكتيكية إلى حد البراعة.
يقول أحد عظماء سباقات السرعة ميك كنان: لم أكن أتصور إطلاقًا (ألا) يكون ليستر بيغوت رقم واحد. نعم كان خاليًا من الشخصية لكن في اللحظة التي يعتلي فيها صهوة الحصان سرعان ما يمتلئ حيوية ويشغل مكانته في سباقات الخيل مثلما يشغلها محمد علي كلاي في الملاكمة.
والحديث عن كنان يتحدث المدرب أوكس عن هذا الفارس الذي برز مع جاليلو وهاي شابرال وجانيت كوزواي وحقق معهم العديد من البطولات التاريخية.
لم يكن هناك مغزى في أن أحاول إفادة كنان عن كيفية ركوب الحصان فلديه كل الخبرة مضيفًا وأنت لا تركب الطائرة وترسم خطًا مباشرًا في قمرة القيادة لإرشاد القبطان حول كيفية قيادة الطائرة.
وأضاف المدرب: فزنا بالعديد من السباقات العديدة مع (زامور) لكن من البديهي أن (سي ذا ستار) كان قمة القمم وإن كان ثمة سباق سيبقى في مخيلتي عن كنان فإنه سيكون سباق قوس النصر حيث بلغ الضغط مبلغًا عظيمًا وكانت الحظوظ متساوية بين المشاركين والكل يريد الفوز غير أن ميك كنان كان واثقًا سلفًا ولم يكن هناك مجال من أنه سيتركنا نتزلق فيما كنا جميعًا ندرك أنه الحاجز الأخير والسباق كان مربكًا لكن كلمة (فزع) لم تكن واردة في قاموس الفارس كنان وما كان منه إلا أن قاد (سي ذا ستار) عبر الثغرات ليسجل فوزًا مشهودًا.
وما بين ثغرات الفارس كنان وثغرات لويس موراليس في أمسية السبت الماضي تحققت ثنائية الأزرق وسيف الرياض كونه قبطان بدرجة طيار وأعصابه فولاذية بدرجة مهارات تكتيكية إلى حد البراعة.
بل ولم تكن كلمة (فزع) في قاموس الفذ (لويس موراليس).
المسار الأخير
المواقف خفيفة في عيون الثقيل
والأصالة بعيدة في عيون الكديش
بين كف الكريم وبين كف البخيل
الف هقوة تموت وألف هقوة تعيش