سعد بن عبدالقادر القويعي
من أبرز المحاولات الروسية لمساعدة نظام الأسد، وتعزيزه في مواجهة معارضيه - داخلياً وخارجياً -، تصفية قائد تنظيم جيش الإسلام «زهران علوش» - أحد أكبر فصائل المعارضة العسكرية للنظام السوري -، - إضافة - إلى خمسة من مساعديه؛ الأمر الذي سيمنحها فرصة خلخلة الوضع القائم في المنطقة، وذلك بتوسيع الحرب ضد فصائل المعارضة السورية المناهضة للأسد، - وبالتالي - نسف العملية السياسية التي بدأت في فيينا، ووضعت خارطة طريق لحل سياسي في سوريا، - خصوصاً - وقد تكرست بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 .
=هذا الاعتداء له تبعات على المعترك السياسي، والدبلوماسي، - باعتبار - أن جيش الإسلام هو أحد أهم مكونات الهيئة العليا للمفاوضات، التي انبثقت عن مؤتمر الرياض يوم 10 ديسمبر - كانون الأول الجاري، واستهداف أي مكون منها، هو استهداف للهيئة بأكملها. كما أنه يمثِّل خدمة واضحة للإرهاب، وتنظيم داعش بضرب، وإضعاف فصائل الجيش الحرِّ التي تصدَّت للإرهاب، وقوَّضت أركانه، الأمر الذي أكّده - الدكتور - برهان غليون - الأكاديمي والمفكر السوري -، بأن اغتيال زهران علوش الذي وقَّع على وثيقة مشاركة المعارضة في مفاوضات التسوية السياسية، التي جرت بالتنسيق مع المجموعة الدولية، وتكلّلت بإصدار قرار مجلس الأمن رقم 2254، يمثِّل رسالة موجهة للمعارضة السورية، تعني أن الحديث عن حلٍّ سياسي: « هو مجرد خدعة كلامية، وأن قرار الروس، وحليفهم الأسد هو التصفية المستمرة لرجالاتها، وقادتها «، وأضاف: « يعتبر مثل هذا الغدر الدنيء اغتيالاً لعملية المفاوضات ذاتها، وإهانة لمجموعة الدول العشرين التي رعتها وتقويضًا لصدقيتها «.
لن تمتلك موسكو مفاتيح الحل السوري كاملة، بل إن تدخلها يتناقض مع الذريعة التي قدمها - الرئيس - فلاديمير بوتين لتدخله العسكري المباشر؛ من أجل إطالة أمد الصراع عبر مواجهة عسكرية ضد فصائل المعارضة، والعمل على إفشال الحل السياسي، الذي سينهي أي احتمالية للانتقال السلمي للسلطة في سوريا - على المدى القريب -. وهو دليل أكيد على أن روسيا بهذه العملية تتهرَّب من استحقاقاتها السياسية التي فرضها قرار مجلس الأمن الأخير، والتزاماتها باجتماع فيينا، والعمل على مساندة الإرهاب، واستئصال قوى الثورة المعتدلة، وحماية نظام الأسد المستبد من السقوط، وتقوية مناطق وجوده.
إن العالم - اليوم - يعيش صراع مصالح بين القوى الكبرى، - وخصوصاً - أنه يستخدم قضية مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط استخداماً سياسياً في الإطار الأوسع الخاص؛ لتحقيق أهدافه، وغاياته. وما لم تذهب الأمور في سوريا نحو تسوية سياسية لمصلحة كل الأطراف؛ ولتقرير شكل النظام السياسي، ومستقبل الدولة السورية، - ولاسيما - أن الواضح من المعركة التي يخوضها بوتين - هناك -، تستهدف - أول ما تستهدف - إنقاذ نظام بشار الأسد من الانهيار، فإن الحديث عن استعادة سوريا استقرارها، ووحدتها، سيكون بعيد المنال، ولن يهدف بحال إلى تعزيز الاستقرار، والأمن القومي.