د.دلال بنت مخلد الحربي
نشرت صحيفة الوطن في عددها 5573 الصادر يوم السبت 22 ربيع الأول 1437 هجرية الموافق 2 يناير 2016 ميلادي وفي صفحتها الأولى تقريراً أعدته زينة علي من الدمام عن الإنفاق على البحث العلمي من الميزانية العامة للدولة حيث توصلت إلى ان نسبة مايصرف يعادل 2% وقدرت المصروفات التي حظي بها المجال نحو 16.6 مليار ريال أي مانسبته 68% في حين لم يتجاوز الإنفاق غير الحكومي على البحث العلمي نحو 7.8 مليارات ريال من مصادر القطاع الخاص والأوقاف والتبرعات والكراسي البحثية والجوائز والمنح البحثية وأي مانسبته 32%.
وقارن التقرير بين مصادر الإنفاق على الأبحاث العلمية في المملكة مع تسع دول لها تأثيرها في مجال البحث العلمي وهي أمريكا واليابان وبريطانيا وروسيا والصين وأربع دول أخرى لها طموح في المجال نفسه وهي كوريا الجنوبية وسنغافورة والمكسيك وجنوب إفريقيا.ووضح التقرير أن الإنفاق الحكومي في هذه الدول لايتجاوز 44% باستثناء روسيا التي وصل الانفاق الحكومي فيها إلى 70%.
والتقرير يؤكد على ارتفاع الانفاق الحكومي على البحث العلمي في المملكة في حين يؤكد ايضا على ضعف إسهام القطاعات غير الحكومية فيه.
من التقرير نصل إلى ان غالب الانفاق على البحث العلمي في الدول المتقدمة يعادل 2% وهذا يعني أن واقع الانفاق عليه في المملكة هو أمر معقول قياساً بما يحدث في دول أخرى، وهذا يدفع بِنَا إلى القول إن الدولة تدرك جيداً أهمية البحث العلمي وأنها منذ زمن تدعم ميزانيته الموزعة على جهات بحثية أغلبها يتبع وزارة التعليم (العالي).
غير أننا عندما نبحث في الموضوع على نحو دقيق نتساءل:
أين هو المردود العلمي لهذا الإنفاق؟ وما هي الدراسات والبحوث المؤثرة التي استفادت منها الدولة والمجتمع وأسهمت في تغيرات سواء في المجالات العلمية أو الإنسانية؟
إن مانعرفه عن الإنفاق العلمي في دول مثل روسيا أو اليابان وبريطانيا وغيرها من الدول المهتمة أنه عادة ما يرتبط الانفاق بنتائج ملموسة يستفيد منها مجتمع تلك الدول وقد ينعكس ناتجه على الإنسانية بأكملها، وهذا يستدعي أن نبحث في ناتج البحث العلمي في المملكة على نحو دقيق حتى نستطيع أن نجزم بأن ما ينفق عليه يعادل ما ينتجه، أو أن ما ينفق عليه يذهب هدراً دون ان تكون له نتائج ملموسة ظاهرة أو مؤثرة مثلاً في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.
وللخروج بمثل هذه النتيجة فالأمر يحتاج إلى دراسة علمية مكثفة تقوم بها إحدى الجهات الرسمية لمعرفة مدى انسجام الانفاق مع ماينتج عن الدراسات والبحوث الممولة من قبل الهيئات العلمية الحكومية والخاصة.
إنني أطمح إلى أن نستثمر ميزانية البحث العلمي على نحو صحيح خاصة في هذه الفترة التي تسعى فيها الدولة إلى الترشيد أولاً والمحاسبة على الناتج عن الإنفاق ثانية، ولا يتم ذلك الا من خلال جهة أو هيئة تتابع نتائج البحث العلمي وتقيس مدى فاعليته ومدى الاستفادة من نتائج الدراسات البحثية وأن يعلن ذلك بوضوح حتى لا تذهب هذه الميزانية في إنفاق يعتمد على المزاجية وتحكمه العلاقات دون نظر إلى كفاءة الباحث والباحثين وأهمية الموضوع لأن هذه الجهات تدرك ان ليس من رقيب عليها يسأل عماقدمته من بحوث ودراسات وصلاحيتها للتطبيق أو النشر.