خالد بن حمد المالك
قديماً قيل: «اتق شر الحليم إذا غضب»، غير أن إيران بملاليها وجوقتها وأولئك السادرين بغيِّهم ممن يسيرون على خطى الخميني في وادٍ، وما يعنيه ويرمز إليه هذا القول في وادٍ آخر، أو كأني بهم يعيشون في وهم وكوكب غير الكوكب الذي يعيش فيه بقية البشر، أو لكأنهم في كهوفهم يقضون حياتهم في عزلة عن العالم بيأس وسوء تدبير.
* * *
أما أنت يا سلمان فقد اخترت التوقيت المناسب، ووظفت الحدث الأكبر والأهم لتفجِّر بركان غضبك الذي حافظت على هدوئه مثلما فعل إخوانك الملوك ممن سبقوك إلى تولي زمام الحكم في البلاد. وكان قطع العلاقات مع إيران ضربة معلم حكيم - وقد غضب - بعد أن تمادت إيران في تدخلاتها وممارساتها العدوانية ضد المملكة.
* * *
لم يكن أمام سلمان بعد أن أدَّب إيران من قبل بعاصفة الحزم إلا أن يأخذ بهذا القرار الاستراتيجي والتاريخي الذي يضع هذه الدولة المعتدية في حجمها الطبيعي، وأن يقول لها ولأعوانها من العملاء والمأجورين بأن هذا مصيرها، وهذا الرد هو المستحق والمناسب على عدوانها، وهناك ما هو أكبر وأشد إذا ما فكرت في أي يوم بأي تصعيد جديد، يمس أمن واستقرار المملكة، أو أي من دول الخليج.
* * *
أُحرقت السفارة والقنصلية متجاهلة مسؤوليتها في الحفاظ عليهما، وتأمين سلامتهما من أي عدوان. فيما أن مثل هذا التصرف الغوغائي لا يمكن للمملكة أن تتعامل بمثله، أو أن تنزل إلى مستواه، أو تفكر بما يحاكيه؛ فالخيارات لديها كثيرة، وضمن ما يعطيه لها القانون والأعراف الدبلوماسية؛ فكان قَطْع العلاقات وعودة البعثة الدبلوماسية السعودية من إيران إلى المملكة، والطلب من السفير الإيراني وأركان السفارة مغادرة الرياض فوراً.
* * *
لقد تحملت المملكة كل تصرف مشين من الجارة العدوة، وحاولت مع كل حدث وعلى مدى سنوات كثيرة أن تثنيها عن تصرفاتها الجنونية، وأن تعيد مسؤوليها إلى تحكيم عقولهم، مع احتفاظ المملكة بحقها في عدم القبول بأي تفاهمات مع إيران طالما أنها لا تخدم مصلحة المملكة ومعها دول الخليج، ولا تؤدي إلى ضمان الأمن والاستقرار لدول المنطقة، غير أن إيران - وهي الدولة الإرهابية - لا ينفع معها إلا توجيه الضربات القاضية، وهو ما فعله الملك سلمان بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ومنعها من قبل من العبث في اليمن الشقيق.
* * *
لكن ماذا بعد قطع العلاقات؟! هذه مسؤولية العالم بأن يواجه هذا الفيروس المضر بمصالح دول المنطقة والعالم بما يستحقه من مواقف حازمة، وأن يزيل آثاره المدمرة؛ لكي لا يستفحل هذا المرض، وتنتقل العدوى من هذا الجسم المريض إلى غيره ممن تستهويه شهوة الإرهاب، ويأنس بمشاهدة الفوضى وعدم الاستقرار وهما ينتقلان من دولة لأخرى، ويضربان هذه وتلك.
* * *
وحسبنا أن نقدِّر للملك سلمان أنه فتح نافذة في الطريق الطويل لعبور الحلول المناسبة لإيقاف انتقال عدوى هذا الجسم المريض. وإذا ما تم استئصال هذا المرض الخبيث من جسم العالم فنحن على ثقة بأن عالماً جميلاً، يسوده الحب والأمن والاستقرار وغياب الفوضى، سيكون متاحاً وحاضراً فور حضور المصل ومشرط الجراح، الذي يملك خيارات الحل لهذا المرض ولهذا المريض!