فهد بن عبد الله البكران
إن تنفيذ أحكام الله تعالى في حق سبعة وأربعين محكوما بالقتل؛ من الفئة الضالة ممن ثبت بحقهم الاعتداء على الأرواح وسفك الدماء جاء موافقا لمقتضيات الشرع وإحقاقا للعدل والإنصاف، واستيفاء لحقوق العشرات الأبرياء ممن سُفِكت دماؤهم بغير وجه حق، وحماية للمجتمع وصونا لأمنه واستقراره.
إن أحكام الشريعة والأنظمة الإجرائية المستمدة منها حرصت على توفير الأمن والأمان وبث السكينة بين أفراد المجتمع، وإشاعة روح الاطمئنان على الأنفس والأعراض والأموال، وجعلت أيّ اعتداء على شخص بمثل هذه الأنواع من الجرائم وإرهاب الآمنين إنما هو اعتداء على المجتمع كله.
يقول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
ان المطلع على كثير من الأحكام يدرك كيف ترد فيها المحكمة طلب المدعي العام إقامة حد الحرابة لعدم موجبها أو لعدم كفاية الدليل، وفي ذلك دليل على توخي أصحاب الفضيلة قضاة المحكمة العدل والإنصاف في نظرهم للقضايا المرفوعة من الإدعاء .
كما أن المحكمة تحرص على إصدار أحكام التعويض لعدد من المتهمين بعد ثبوت براءتهم من التهم المنسوبة لهم حيث صدر أول حكم بالتعويض بتاريخ 15/3/1434هـ، بخلاف من انتهى وضعه مع وزارة الداخلية رضا بالتعويض دون إقامة دعوى للمطالبة بها.
و تكون اجراءات التعويض في البداية بالرفع إلى وزارة الداخلية والكثير منها ينتهي بالاقتناع بمبلغ التعويض بدون رفع دعوى في المحكمة، وفي حالة عدم الاقتناع بمبلغ التعويض ترفع دعوى لدى المحكمة الجزائية المتخصصة.
علما بأن الدعوى تقام لدى المحكمة الجزائية المتخصصة في حال رفض المدعي للمبلغ المقرر من الجهة المختصة، حيث نصت المادة 215 من نظام الإجراءات الجزائية المعدل والصادر أخيرا «إذا كان المحكوم عليه بعقوبة السجن قد أمضى مدة موقوفاً بسبب القضية التي صدر الحكم فيها وجب احتساب مدة التوقيف من مدة السجن المحكوم بها عند تنفيذها، ولكل من أصابه ضرر - نتيجة اتهامه كيداً، أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة - الحق في طلب التعويض أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى الأصلية».
أما إجراءات التقاضي التي تعمل بها المحكمة الجزائية المتخصصة فهي كغيرها من إجراءات شفافة تمرّ عبر مراحل تبدأ بمرحلة عرض الدعوى على المدعى عليه، وفيها يمكّن من الرد مباشرة أو توكيل محامٍ، ويفهم بأن له حق توكيل محامٍ عن طريق وزارة العدل وتتحمل الوزارة أُجرة المحامي وهذا لا يوجد في المحاكم الابتدائية الأخرى، وكذلك مرحلة عرض جواب المدعى عليه على المدعي العام ومناقشته، حتى مرحلة عرض الأدلة ومناقشتها مع المدعى عليه والمدعي العام ثم إقفال باب المرافعة إذا لم يكن لدى أحد منهما أي إضافة، وصولاً إلى مرحلة النطق بالحكم وفيها يفهم الجميع بعد إعلان الحكم بتعليمات الاستئناف، وأن الحكم خاضع للاستئناف وأن لهم حق الاعتراض وطلب استئناف الحكم.
واختم بالقول ان ما تقوم به المحكمة الجزائية المتخصصة من جهد ملموس في نظر القضايا المعروضة عليها رغم ما يكتنفها من حساسية لا تخفى، بالإضافة إلى تداخل بعض التهم وتعقيداتها إلا أن الأحكام التي تصدر تستحق الإشادة؛ لتميزها بالتسبيب الذي يهيئ للحكم الصائب بإذن الله تعالى.