ناصر الصِرامي
سنبقى نردد أنه لا يوجد دولة في العالم تضررت من الإرهاب كما حدث مع المملكة العربية السعودية، فقد أصابها الارهاب بضربات متتالية ولنحو عقدين من الزمن، وتحت مسميات وشعارات مختلفة.
لكن السعودية التى ظلت صامدة في مواجهة كل الخلايا الارهابية، وتفتيتها وقطف رؤوس قياداتها التنظيمية، أثبتت للعالم أنها الأكثر جدية على مواجهة الارهاب، والأكثر قدرة على الانتصار في هذه الحرب الطويلة.
لم تكن معاقبة 47 ارهابيا بالاعدام حدثا غير متوقع، بل الحقيقة أنه طال انتظاره وتأخر تنفيذه، خصوصا وان العمليات التى شارك فيها غالبية المدانيين مر عليها أكثر من 10 سنوات، فيما استمرت المحاكمات لنحو أربع سنوات على الاقل.
والتوقع أن نشهد أعداداً ووجبة أخرى من مثل هذه الاحكام في حق الارهابيين والقصاص منهم، ولنتذكر دوما انه لو مرت دولة في العالم بما مرت به السعودية من عمليات إرهاب وقتل وتفجير لكانت لها ردة فعل مختلفة لا تستثني احداً. لكن الرياض الواثقة من نفسها وأمنها منحت وقتا كبيرا، وفرصا عدة للتعامل مع الخلايا الارهابية، بشكل يمنحها تفوقا مستمرا واستباقا لتحركاتهم، لتحقق انتصارات متتالية في هذه الحرب المستمرة، للأسف.
المهم في نظري في جانب العقوبات الاخيرة، ليس فقط معاقبة الارهابيين المتورطين في القتل والتفجير، لكن الابعد من ذلك الرسالة الواضحة التى سيوصلها الحزم في تنفيذ هذه العقوبات للجميع دون استثناء، ولكن هنا اخص المراهقين والشباب الذين يتم التغرير بهم واستغلال جهلهم وحماستهم، هذه العقوبات، هي عقوبات رادعة، تجعل من يعتقد أن المشاركة بأى شكل من الاشكال في اى عملية ارهابية أشبه بنزهة أو مغامرة، أن يعيد التفكير مرة بعد مرة..ومرات..
هذا الردع واستمراره هو الصدمات الحقيقية التى يحتاجها البعض ليصحو من مخدراتهم الارهابية، واحلامهم السطحية، واوهامهم الغبية. هذه هي القيمة الأهم لاستمرار العقوبات، والضرب بقبضة من حديد ضد كل من يثبت تورطه وادانته، فالهدف الاسمى دائما هو استقرارا الامن، وصلابة الوطن.
هذه العقوبات الرادعة هي أهم رسالة يوجهها القصاص أو العقوبة ضد خلايا الارهاب والتطرف والتكفير في البلاد، وكل من يمول أو يبرر أو يساعد بشكل مباشر أو غير مباشر في خيانة وطنه.كما أنه جرس انذار لأولياء الأمور والأسر للانتباه والوعي وتحمل مسئولية أبنائهم قبل ان يصلوا لهذا المصير.
لن يهم أبدا، أيها السادة ،محاولة التسييس أو تحويل الانظار إلى هذه العقوبات باعتبارات مذهبية، هذه ليست القصة ، لكنه التشويش والاستغلال السياسي الفج والفاضح.
ما هو أبعد من القصاص الان هي رسالة الحزم مجددا، التى توجهها هذه الاحكام لكل من يفكر بالتورط في اعمال مشابهة، وهذه هي القيمة الاهم للعقوبات بشكل عام،قيمة الردع عن التفكير والتورط في ارتكاب اعمال تخل بالأمن والاستقرار للوطن تحت أي شعار كان.
ما مرت بها السعودية مع الارهاب كانت حربا حقيقية، ولم تكن مجرد أعمال عبثية هنا أو هناك، بل حرب رصدت لها الاموال والافكار والتسليح والتجنيد والامكانيات التى لم يكن احد ليتصورها بهذا الحجم، مهما حاول ان يفهم العقل التكفيري المتطرف.
كانت ولاتزال حربا حقيقية تقتل وتحدث الاضرار هنا وهناك ،دون أى معايير اخلاقية أو انسانية أو دينية، حرب لا يتوقع لها ان تنتهي، لكنها في الوقت ذاته تواجه اليوم بحزم رسمي وشعبي، وهذا هو الانتصار الحقيقى.