كادت تفيض مع المدامع روحي
من فَرْط أوجاعي ونَزْف قروحي
يا أختَ مروانٍ وبنتَ أميَّةٍ
أَثْخَنْتِنا بمواجعٍ وجروحِ
دارَ الخلافة، والخلافةُ صفحةٌ
بيضاءُ في سِفْر المدى المفتوحِ
تاريخكِ الزاهي به متنٌ، وما
تاريخُ من خَلَفوكِ غيرُ شُروحِ
يا ثانيَ الأمصار حاضرةً، ويا
زينَ الحواضر والجنانِ الفِيحِ
تاريخنا يَكْتَظُّ منك مفاخرًا
أثريْتِهِ بمآثر ٍ وفتوحِ
أَتْرعتِه ِ مجدًا فطاب حديثه
نفحًا، فما نفحُ الشَّذا والشِّيحِ؟
دارَ الخلافة، كنت عامرةَ الحمى
بأماجدٍ، ومعالمٍ، وصروحِ
واليوم وَيْحَ الدارِ أصبح رَبْعُها
خِلْوًا سوى مطمورةٍ وضريحِ
لهفي على زَيْن الحواضر، وجهها
قد كان قبل اليوم غيرَ كليحِ
ما كان يُروي الطرفَ رؤيةُ وجهها
فالطرفُ ليس يملُّ وجهَ مليحِ
واليوم أضحى الطرفُ بعد خرابها
ما بين مُغْتَمضٍ وبين مُشيحِ
لهفي عليك تناهبتك ِ عصابةٌ
من كل جنسٍ في الأنام قبيحِ
وتكالبتْ طمعًا؛ لتشرب من دمٍ
سَفَحَتْه، - غصَّتْ بالدم المسفوحِ -
ويلاه للمكروب إن لم يَحْمِهِ
من طُغْمة الأوغاد غيرُ نزوحِ
مرَّتْ بنا خمسٌ .. ولمّا تبرحي
مشبوبةَ الأحشاء بالتبريحِ
مَرَّتْ بنا خمسٌ .. ومُرُّ عذابها
ما مَرَّ .. بل هو عالقٌ بالروحِ
إن ألجمتْ فاكِ الخطوبُ بهولها
فحديثُ عينكِ عنكِ جِدُّ فصيحِ
هبَّت عليك الريح .. عَلَّ هبوبَها
ينفي الأذى فيضوع طهرُ السوحِ
لا يُبرئ الأوطانَ من أوصابها
وطغاتها إلا هبوبُ الريحِ
قد يَسْقَم المرءُ الصحيحُ بنعمةٍ
ويصحُّ بالأسقام غيرُ صحيحِ
شعر/ فهد بن علي العبودي - الدلم