سعد السعود
كرة القدم كغيرها فيما يمارسه الناس.. كل شخص يتعامل معها بطريقته وليس هنالك معيار واحد أو مقياس.. هناك من يضعها كل همَّه وهناك من لا يفكر فيها بالأساس.. وهناك ثالث يضع تركيزه منصباً على جزئية وتسرق منه الاهتمام وتمارس سطوتها على كل الإحساس.
قد يكون هذا مغرماً بالبطولات.. وذاك يستهويه ما يملكه اللاعبون من مهارات.. وآخر لا هم له سوى الأهداف وما فيها من جماليات.. كل ذلك حسن وليس عيباً، لكن المعضلة كل المعضلة إن كان ذلك مقدماً على المبادئ والأخلاقيات.. بدليل ما سأقوله من إشارات.
كرة القدم حتماً ليست جمع مال وإيرادات وإلا لما شاهدنا إحالة بلاتر للتحقيق وهو من قفز بميزانية الفيفا لمليارات الدولارات.. كرة القدم ليست بطولات فقط وإلا لما شاهدنا (تهبيط) اليوفي للدرجة الأولى قبل سنوات.. كرة القدم ليست نجومية لاعب بغض النظر عمّا سواه وإلا لما شاهدنا مارادونا يقصى من الملعب رغم موهبته بسبب المنشطات.
كرة القدم أيضاً ليست تعداد جماهير وإلا لكانت الصين والهند بمقدمة المدرجات.. كرة القدم ليست تاريخا لا يترجمه واقع وإلا لشاهدنا اليونان والفراعنة أقوى المنتخبات.. كرة القدم ليست جعجعة إعلام وإلا لما شاهدنا بعض الفرق تغرقنا بالضجيج وهي المحرومة من سنوات من أقوى البطولات.
كرة القدم أرقى.. كرة القدم أنقى.. كرة القدم منظومة متناغمة من الموهبة والخلق الأسمى.. رئيس يحترم المنافس.. وفريق للخشونة لا يمارس.. ومدرج بالتشجيع الحضاري يعلو وللفضيلة حارس.. وعندها حتى لو اختلف الميول فالكل سيصفق لأي مبدع.. وسينال المجيد الإشادة من المنافس قبل حتى المشجع.. وكم من رئيس حفر اسمه ليس بسبب بطولة بل لأجل بادرة إِنسانية.. وكم من فريق تناقلت أخباره الوكالات بسبب لفتة اجتماعية.. وكم من مدرج ناله سيل الإطراء بسبب تيفو يحمل رسالة راقية.. ببساطة هناك من يبقى أثره وينحت تأثيره وهو صدى الأخلاق.. في حين ما عداها فسيغمر لبرهة الأوراق.. ثم يذهب نسياً منسياً ولن تجد له باقياً.
لذا والعام الميلادي يلملم بقيته.. حاولت أن أمر على جسد أيَّامه.. لأخرج منها بأجمل المواقف الرياضية.. وأشير إلى سيئها.. بعيداً عن ضجيج البطولات فقد نالت حقها وزيادة.. لكن ماذا عن من حفر في ذاكرتنا أبلغ رسالة ؟ وماذا عن من عكر أمزجتنا بأسوأ إشارة؟ أليس مثل هؤلاء يستحقون الكتابة.. لعل المجيد يزداد ألقاً ويواصل السير في هذا الطريق السليم.. ولعل أيضاً المسيء يعود عمّا ارتكبه من خطأ جسيم.
لا أعتقد أني سأجد أحداً يختلف معي في أن أجمل لوحة رياضية في عام 2015 كانت تيفو المدرج الاتحادي (حبيبي يا رسول الله).. يا الله!.. ما أجملها من عبارة.. وما أعذبها من كلمة.. وما أبلغها من رسالة.. وما أعظمها من قيمة.. ولذا فلم نستغرب حالة الاحتفاء بها من الجميع.. حتى أصبحت حديث الناس وآسرة المجتمع.. ليُنسج فيها أفخم الكلمات.. وليُكتب فيها أجمل المعلقات.. ولتتغنى فيها البرامج والفضائيات.. شكراً لمدرج الاتحاد.. شكراً لمن فكر بهذا التيفو فقد أفاد.. شكراً لمن نفذه على صدر المدرج وأجاد.. شكراً لمن قلد عنق الجوهرة بهذا العقد الفريد حتى أبهر البلاد.
أما أسوأ ما حملته أيَّام العام المنصرم رياضياً.. فأكاد أجزم بأن إشارة رئيس النصر لمدرج الشباب ستكون في الصدارة.. فقد حملت تلك الإشارة سخرية لا تليق بصاحبها.. في حين أنها لم تنل من قيمة من حاول الإساءة لهم.. ولا أدري حقيقة كيف لنا أن نعاتب مشجعا منفلتا بالمدرج.. أو إعلاميا في مقالة أو برنامج يؤجج.. في حين أننا نجد رئيس ناد وبكل بساطة يطرق هذا السبيل الأعوج.. الجميل في الموضوع أن حتى مشجعي النصر انتقدوا هذه الإشارة.. فعلاوة على ما تحمله من عدم احترام للمنافسين هي أيضاً تفتح الطريق لعبث العابثين.. وتعطي ضوءاً أخضراً لكل المتجاوزين.. عموماً يبقى الشباب كبيراً برجاله وإنجازاته وجماهيره ولن يضيره إساءة ولا يحتاج من رئيس النصر شهادة.. أما رئيس النصر فليته بدلاً من عد جمهور الشباب يلتفت لفريقه ويعد ما فقده من نقاط.. حتى أصيب المحب النصراوي بسبب سوء العمل الإداري بالإحباط.
أخيراً لتدركوا ما تصنعه الأخلاق من أثر بالأنفس.. وما يزرعه الاحترام من تأثير في المنافس.. شاهدوا هذا الدرس الرياضي في عام 2015 وكيف ترجم كل ذلك.. شاهدوا محبة الناس لمحمد الشلهوب وردة فعلهم عندما أصيب أمام الاتحاد.. النصراوي يدعو له بالشفاء.. والشبابي يرفع أكفه له بالدعاء.. والأهلاوي يتضامن معه وكأنه يشاركه الانتماء.. والاتحادي يتمنى سرعة عودته للملعب ليبدع بالعطاء.. وحتماً الهلالي يبادله الوفاء.. بل إن كل مشجعي الأندية الأخرى لا يملكون للشلهوب إلا المودة والإخاء.. والسبب ببساطة أنه لم يسقط يوماً في تصرف مع أحد.. ولم يمارس الإسقاط بحق أحد.. بذر الأخلاق مع الآخرين فحصد المحبة من المحبين والمنافسين.. لذا أختم بهذه الهمسة بأذن المتجاوزين: تعلموا من الموهوب.. تعلموا من الشلهوب!
في الشباب كنت أظن.. وخاب ظني!!
في الشباب.. وعطفاً على الحالة السيئة للفريق.. وبحكم إصابة الحشان منذ شهرين.. وتأكد محدودية مستوى أفونسو منذ أول جولتين.. توقع الشبابيون أنه بمجرد بدء فترة التسجيل الشتوية إلا واللاعبون الجدد قد تم تسجيلهم وانخرطوا في المباريات ولا أقول التدريبات.. ولكن وبعد أسبوع من بدء التسجيل وحتى كتابة هذا المقال.. الحال نفس الحال.. وسط غياب تام من مسيري النادي عن حاجاته.. وكأنه لا تعنيهم معاناته!