د.عبدالرحيم محمود جاموس
لقد أشار العديد من الكُتاب والمحللين، إلى دور بارز للكيان الصهيوني في الأزمة والصراع الدائر في سوريا منذ خمس سنوات وكذلك في العراق، لكن رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو لم يترك مجالاً للشك والتكهنات فيما أفضى به في مؤتمره الصحفي يوم 01-12-2015م حيث أعلن صراحة أن إسرائيل (تنفذ عمليات في سوريا، من وقت لآخر، بهدف تجنب أن يتحول هذا البلد لجبهة مواجهة من جهة، كما تفادي نقل أسلحة فتاكة من سوريا إلى لبنان)، وبشأن التدخل الروسي ونشاطه العسكري في سوريا أشار أيضاً إلى (أنه اتفق مع الجانب الروسي على تنسيق أعمالهما العسكرية تجنباً للصدام)، وذلك في اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الذي تمخض عن اتفاق الجانبين على (آلية لمنع حدوث سوء تفاهم بين وحدات الجيش الروسي والقوات الإسرائيلية)، وكانت تقارير صحفية عدة قد أكدت أن هناك بعض المقاتلين من عرب فلسطين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية قد التحقوا بالتنظيمات الجهادية في سوريا عن طريق التسلل إليها عبر الجولان، كما أشارت تقارير أخرى إلى علاج العشرات من جرحى تلك التنظيمات في مستشفيات ميدانية أعدت لذلك في شمال الكيان الصهيوني، وقد سبق أن أعلن رسمياً عن عدد من الغارات الجوية قد نفذها سلاح الجو الإسرائيلي داخل سوريا زعم أنها كانت موجهة إلى مجموعات، كانت تعد لمهاجمة أهداف في (إسرائيل)، أو ضرب قوافل كانت تسعى إلى نقل أسلحة فتاكة أو متطورة من سوريا إلى لبنان..
يضاف إلى ذلك ما نشره موقع «جلوبال ريسيرش الكندي» مفاده أن (عقيداً من لواء جولاني الصهيوني يقود مجموعة من داعش) وأن قوات الأمن العراقية قامت يوم الخميس 26-11 الماضي بأسره، مشيرة إلى أن هذا الأمر يطرح تساؤلاً: من يقف وراء هذا التنظيم؟، ولفت الموقع إلى أن الضابط الإسرائيلي الذي تم القبض عليه يدعى (يوسي أولين شاهاك) برتبة عقيد في لواء جولاني الإسرائيلي ورمزه الأمني «Re34356578765az231434»، مضيفاً أن القوات العراقية تحقق في أسباب تواجد الضابط الإسرائيلي مع مسلحي داعش، كما أوضح الموقع أن الضابط الإسرائيلي أدلى باعترافات صادمة، مشيراً إلى قول عدد من مسلحي داعش الذين تم القبض عليهم في العراق أن ضباطاً إسرائيليين وعملاء للموساد تواجدوا بين مسلحي داعش منذ بداية القتال في يونيو 2014م، (http://www.globalresearch.ca/guess-who-is-behind-the-islamic-state-israeli-idf-colonel-leading-isis-terrorists-arrested-in-iraq/5483679)
الخلاصة: من هذه الوقائع والتصريحات والأخبار والتحليلات، تبين وتكشف إلى أي مدى تظهر تأثير الكيان الصهيوني فيما يجري في كل من سوريا والعراق، والدور الذي يقوم فيه ليس فقط لتأمين حدوده الشمالية، والتنسيق المعلن مع الروس بشأن عملياتهم العسكرية في سوريا، كما تأثيره ولعبه دوراً مهماً، في توجيه دفة الصراع من خلال الاختراق لما يسمى بالمنظمات الجهادية من داعش إلى جبهة النصرة، وغيرهما، بهدف تأجيج هذه الأزمة، ودفعها نحو تدمير العراق وسوريا، وترسيخ تمزق الدولة والمجتمع فيهما، وتدمير قدراتهما المستقبلية التي قد تَمسُ أو تُهددُ أمن الكيان الصهيوني..
لقد بات الكيان الصهيوني لاعباً رئيسياً فيما تشهده الدول العربية المذكورة وغيرها من خراب ودمار، واستهداف لوحدة تلك الدول ومجتمعاتها، الذي يسعى لأن يكون المستفيد الأول والأخير من هذه الصراعات ومن هذا الخراب العربي ونتائجه الكارثية.
فمتى تدرك الفئات المتنازعة داخل سوريا والعراق وبقية الدول العربية التي تشهد نزاعات مماثلة خطورة مثل هذا المخطط والمآل المرسوم إليه؟!! وتتجه نحو إنهاء هذه الصراعات والنزاعات والحروب الداخلية لكف يد الكيان الصهيوني وبقية القوى الإقليمية والدولية من العبث والتدخل في شؤونها الداخلية وتحديد مستقبلها، وتعمل جاهدة على وقف نزيف الدم والتفسخ الاجتماعي والسياسي الجاري، وتلتقي لتضع الحلول السياسية الكفيلة باستعادة وحدة المجتمع والدولة وتحقق الوحدة الوطنية وتعمل على إعادة بناء الدولة المدنية، وتفويت الفرصة على الكيان الصهيوني وغيره من الدول والقوى الطامعة في تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، على حساب هذه الدول ومستقبل أبنائها، نتمنى وندعو جميع الفرقاء، أن يسيطر عليهم وبينهم صوت العقل والمصلحة والوحدة الوطنية، لإنقاذ مستقبلها من التفكك والخراب والدمار المنتظر، ومن هنا تأتي أهمية الدعوة التي وجهتها المملكة العربية السعودية لقوى المعارضة السورية للاجتماع في خلال الشهر الجاري بالرياض للتوافق والاتفاق على رؤية موحدة تعبر عن مصالح الشعب السوري في إنهاء أزمته، وتحقق له استعادة وحدته، ووحدة دولته وإعادة بنائها على أسس تحترم الجميع وتحقق مصلحة الجميع، دون تمييز بين فئة وأخرى أو طائفة أو جهة أخرى بعد أن يتم إقصاء بشار الأسد من حكمه لسوريا.