د.عبدالرحيم محمود جاموس
ما زالت حكومة الكيان الصهيوني تعبِّر عن عجزها في التعاطي مع الشعب الفلسطيني ومطالبه المحقة، والمشروعة والمؤيّدة من جميع دول العالم باستثناء الولايات المتحدة ورئيسها، الذي ما زال ينظر للمقاومة الشعبية الفلسطينية بأشكالها المختلفة، شكلاً من أشكال الإرهاب الذي يتعرض إليه الكيان الصهيوني، ويمنحه الحق في الدفاع عن النفس..!!
إن التفكير الصهيوني داخل (صندوق) الأمن والاستيطان، والتوسع، والإنكار للحقائق التاريخية، والجغرافية، والسكانية، والقانونية والمشروعية الدولية، التي يجب أن تحكم نهاية الصراع في فلسطين وعلى فلسطين، تضع القيادة الصهيونية عاجزة عن الفهم والاستيعاب وعاجزة عن اجتراح الحلول والسياسات التي من شأنها أن تجد القبول لدى الشعب الفلسطيني أولاً ولدى العالم وقواه الحيّة ثانياً، والتي تؤيِّد الحقوق القومية والوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه، مما يؤدي إلى استمرار حالة التوتر والعنف، وسيل الدماء من الطرفين، دون إدراك أن جميع الحقائق تحتم (التفكير خارج الصندوق) والنظر إلى الواقع والحقائق التي تؤكّد فشل سياسات الكيان الصهيوني في إخضاع الفلسطينيين لرؤيته الفاشية والعنصرية، المرفوضة من جميع دول وشعوب العالم، وإن تباين التعبير عن ذلك من دولة لأخرى من دول العالم، إلا أن هناك إجماعاً على تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، آجلاً أم عاجلاً، ووضع حدٍ لهذا العنت الصهيوني، والانغلاق النفسي والأمني، الذي لا ينتج إلا حلولاً عسكرية وأمنية، تزيد الصراع تأججاً واشتعالاً أمام فقدان الأمل لدى الفلسطينيين بالتوصل إلى حلٍ أو تسوية للصراع الدامي منذ سبعة عقود متواصلة...
لقد منح الفلسطينيون الكيان الصهيوني أكثر من عقدين من الزمن، لدفعه للتفكير خارج الصندوق، والانفتاح على حلول وسط تلبي الحد الأدنى من متطلبات التسوية بين الطرفين، ولكن دون جدوى، فقد ازداد العقل المتحكم فيه انغلاقاً داخل الصندوق، لدرجة بات لا يتحدث سوى مع نفسه، وأوهامه واعتقاداته الزائفة والمزيّفة، لدرجة نفذ معه صبر الشعب الفلسطيني وقيادته، وانطلقت موجة فلسطينية جديدة سواء سميت هبة، أو غضبة، أو انتفاضة، هي بالتالي نتيجة منطقية لهذا الانغلاق الصهيوني، والنأي عن سبل التسوية والسلام، واختيار التوسع والاستيطان، والإنكار للحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية، ولذا من يتوقّع أن الإجراءات الأمنية من اعتقالات أو إعدامات وحواجز وحصار، أو التسهيلات الاقتصادية والحلول الاسترضائية التي أقدمت وستقدم عليها حكومة الاحتلال، كفيلة بوقف هبة أو غضبة أو انتفاضة الشباب والشعب الفلسطيني فإنه واهمٌ ويعد ضرباً من ضروب الخيال الصهيوني المريض، سوف تتواصل هذه الهبة والانتفاضة وهذا الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني بأشكاله المتعددة وألوانه المتنوّعة، ولن يعدم الوسيلة عن الإبداع في تطوير أشكال نضاله رغم ظروفه الصعبة، سواء على أرض الواقع في رفض الاحتلال وإفرازاته من استيطان وغيره، أو في الساحة السياسية والدبلوماسية في المسرح الدولي، الذي بات يضيق ذرعاً بسياسات الاحتلال، وبمواقف حكومة الكيان الصهيوني من مفهوم الأمن والسلام، الذي هو أسير لعقلية (الصندوق)، فمتى تخرج هذه العقلية من (الصندوق) وتنظر للحقائق الموضوعية على الأرض وعلى مستوى السياسة الدولية...؟!
عندها فقط سوف تصبح الطريق سالكة حينها للتوصل إلى تسوية أو سلام يحقق الحد الأدنى من متطلبات وحقوق الشعب الفلسطيني، ويحقق الأمن والسلام للمنطقة وللعالم.