محمد سليمان العنقري
تحركات وزارة العمل خلال الخمس سنوات الماضية لمعالجة مشكلة البطالة اثمرت عن ارتفاع اعداد المواطنين العاملين بالقطاع الخاص الى مضاعفة ما كانت عليه ليصل العدد الكلي الى حوالي 1.6 مليون مواطن ومواطنة بالقطاع الخاص الا ان نسبة البطالة مازالت مرتفعة، بل زادت عن ما كانت عليه نظرا لارتفاع عدد الداخلين لسوق العمل سنويا لكن لبقاء معدل البطالة مرتفع أسباب أخرى قد تفسر احصاءات وزارة العمل السنوية بعضاً منها.
ولعل أبرز الأسباب التي تعد خارج مسؤوليات الوزارة قبل النظر بالأسباب التي تقع تحت مسؤوليتها هو بطء زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد حيث لا تتولد فرص عمل واسعة، وهذا السبب مسؤولة عنه العديد من الوزارات والجهات الحكومية عموما بينما اغلب حلول وزارة العمل تصب في الاحلال والذي لن يفضي الى حلول مستدامة إلا أن ما أظهره الكتاب الإحصائي للوزارة عن عدد التأشيرات التي أصدرتها للقطاع الخاص توضح أن سببا مهما يعمق من مشكلة البطالة للوزارة دور به، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الرقم بشكل عام فقد أصدرت الوزارة في العام الماضي1.574 مليون تأشيرة بزيادة قدرها 66% عن العام السابق له 2013 خلاف تاشيرات العمل المؤقتة التي بلغت62 الف تأشيرة إلا ان ما يهمنا هو رقم التأشيرات الصادرة للعمالة الوافدة لتحصل على فرص عمل بالاقتصاد المحلي تولدت في اغلبها نتيجة لاستمرار زخم الانفاق الحكومي سواء بشكل مباشر او غير مباشر.
فعدد التأشيرات الصادرة العام الماضي يعادل خمسة اضعاف المواطنين الذين يدخلون سوق العمل سنويا عند 300 الف تقريبا اما اذا نظرنا لعدد التاشيرات التي اصدرتها الوزارة خلال خمسة اعوام من عام 2010 الى عام 2014 فمجموعها يصل الى حوالي 6.6 مليون تاشيرة وهو ما يعادل اكثر من اربعة اضعاف المواطنين الذين دخلوا سوق العمل ومنهم العاطلين والباحثين عن العمل والمقدرين بحوالي 1.5 مليون مواطن ومواطنة.
وهذا ما يفسر صعوبة خفض معدلات البطالة إلى الآن التي ارتفعت بنفس فترة الخمس سنوات من 9.6 الى 11.7 % واذا اعتبرنا أن جزءاً كبيراً منها هي لعمالة أو مهن لا يمكن شغلها بمواطنين، فعلى الأقل لن تقل نسبة المهن التي تتطلب مؤهلات ودخلها مجزٍ ما بين 10 الى 20% مما يدلل على ان الوزارة بحاجة لتفعيل ما تصدره من انظمة حول اعطاء الاولوية لشغل تلك الوظائف بمواطنين عبر مختلف الوسائل والطرق المغطاة نظاما اذ لا يمكن ان تكون كلها تاشيرات لمهن ضعيفة الدخل والمتطلبات، واذا ما قمنا بمقارنة لعام 2014 الذي شهد ارتفاعا كبيرا باصدار التاشيرات فاق 1.5 مليون تأشيرة فان عدد المواطنين الذين تم توظيفهم بالقطاع الخاص حوالي 83 الفا لنفس العام اي ما يقارب 5% فقط مقارنة بالفرص التي اتيحت للعمالة الوافدة التي صدرت لها تأشيرات.
وقد لا تكون كل التأشيرات تم استخدامها لكن بالنهاية أصبحت عمليا في حسابات سوق العمل واذا كان نصيب العامل الوافد من الدعم الذي تقدمه الدولة للسلع والخدمات وفق بعض الدراسات يصل الى 5300 ريال فهذا يعني استنزاف حوالي 7.5 مليار جديدة بالاقتصاد وضغط على الخدمات، وإذا كانت العمالة الوافدة تعتبر استيراد خدمات وتقدم جهود تشكر عليها ببناء اقتصادنا لكن من الاهمية ان يعاد النظر بالاحتياج الحقيقي لسوق العمل فحملات التصحيح السابقة ادت لمغادرة ملايين العمالة التي تحمل اقامات نظامية او المخالفة فهذا يعني ان هناك فائضا حقيقيا بالعمالة ويتطلب اعادة هيكلة للانظمة تعيد توزيعها وتنظيمها بما يوضح الاحتياج الحقيقي ويحفظ حقوقها ويمنع التستر، ويقلل جدا من الحاجة للاستقدام، وذلك بقصد اعطاء الاولوية للطلب على العمالة من الداخل مما سيمنح الفرصة الكبيرة لتنافسية الكوادر الوطنية لتحظى بنصيب الأسد من الفرص التي يتيحها الاقتصاد سواء بالتوظيف او بافتتاح منشأت صغيرة ومتوسطة.
وزارة العمل تعالج البطالة بيد ويبدو أنها تزيد من عمق المشكلة بيد أخرى عبر ما يتم طلبه منها لاصدار تأشيرات للقطاع الخاص بحجج الاحتياجات لتنفيذ مشاريع حكومية أو توسع بعض المنشآت بمجالها ولا يمكن بهذه الحالة أن يتوقف ارتفاع معدلات البطالة وظهور نتائج عملية وسريعة لخفضها لنسب بسيطة بوقت قصير، وكذلك لتساهم بتقليل الحوالات المالية للعمالة الوافدة التي فاقت 140 مليار سنويا بسبب زيادة اعدادها ومن عمليات التستر التجاري، وكذلك بمساعدة الاقتصاد على خفض الهدر والضغط على الخدمات والسلع التي تستنزف الكثير من الموارد فكما تقوم الوزارة بوضع برامج لزيادة التوظيف للمواطنين يجب بالمقابل ان تعيد هيكلة اصدار التأشيرات الذي بات كالشلال الغزير الذي اغرق السوق بالعمالة الوافدة التي لا يمكن ان تكون كلها مفيدة للاقتصاد وبالمقابل قللت تنافسية الشباب والشابات للحصول على فرص عمل مناسبة.