صنعاء - الجزيرة:
ذكرت منظمه رعاية الأطفال في اليمن أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال يلقون مصرعهم في اليمن كل يوم، والكثير منهم يفقدون أرواحهم كنتيجة مباشرة لاستخدام أشكال مختلفة من الأسلحة المتفجرة في القرى والبلدات والمدن.
وكشفت المنظمة في تقرير لها تحت عنوان «لا يوجد مكان آمن للأطفال في اليمن.. الأثر القاتل للأسلحة المتفجرة في اليمن» عن تعرّض الأطفال يوميًا للمخاطر، داعية إلى حماية المدنيين ووقف فوري لإطلاق النار، مؤكدة دعمها العالي لجهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للصراع في اليمن.
فمنذ تصعيد العنف في شهر مارس، قُتل أو جرح أكثر من 1.500 طفل، حسب مصادر الأمم المتحدة، وقد قُتل العديد منهم نتيجة لأسلحة متفجرة. ويعاني اليمن حاليًا من أعلى نسبة من الخسائر البشرية في العالم، بعد سورية، نتيجة الأسلحة المتفجرة.
ويتضمن تقرير منظمة رعاية الأطفال عرض مجموعة من تجارب الأطفال الذين تعرضوا لحالات العنف والخطر أثناء الحرب في اليمن حيث يقولون إنهم يرتعبون من أصوات القذائف، ومن بينهم هؤلاء الأطفال الطفل «زيْد» البالغ من العمر 15 عامًا، الذي قُتل شقيقه عندما كان يلعب في الخارج. ويقول «زيد» عندما سمعت القصف، خرجت مسرعًا من البيت باحثًا عن أخي الصغير. فوجدت كان هناك الكثير من الناس المتجمعين حول جثث وجرحى. وشاهدت أخي مطروحًا على الأرض. لقد فقد ذراعه واحترق جسده. لقد قتل أخي بسبب الحرب. قبل مقتل أخي لم أكن أشعر بالخوف. ولكنني الآن أبقى في البيت طيلة الوقت إِذ أخاف كثيرًا من الخروج إلى الشارع».
إن آثار الأسلحة المتفجرة على أجساد الأطفال الغضة الصغيرة أكثر حدة بشكل ملحوظ، وغالبًا ما يصابون بجروح معقّدة تستدعي عمليات جراحية وعناية متخصصة.
ويقول إدوارد سنتياغو مدير منظمه رعاية الأطفال في اليمن، من المفارقة المحزنة أن المرافق الصحية اللازمة لمعالجة الأطفال الجرحى تعرضت نفسها في الغالب للأضرار أو أنها دُمرت بالأسلحة المتفجرة ذاتها.
وأضاف وحتى أن سلمت هذه المرافق، فإن حصار الأمر الواقع المفروض على الاستيراد، إلى جانب انعدام الأمن، والقيود على حركة العمليات الإنسانية، تؤدي كلها إلى نقص في الإمدادات الطبية والوقود اللازم لأداء العمل بالشكل المناسب.
ومن المثير للصدمة أن 600 مستشفى قد أغلق الآن بسبب النقص في الإمدادات والطاقم الطبي أو نتيجة لأضرار لحقت بها.
إن انهيار النظام الصحي في اليمن يعني الآن افتقار أكثر من 14 مليون إنسان إلى الأساسيات كالمضادات الحيوية واللقاحات. وقد ازدادت احتمالات الوفاة من أمراض يمكن الوقاية منها مثل الإسهال والتهاب ذات الرئة والملاريا.
حين تستخدَم الأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة كالمدن والبلدات والقرى، فإنها تعرِّض المدنيين إلى أخطار كبيرة ومتوقهة جراء انتشار أثرها المدمّر في منطقة واسعة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قد أصدرا في أكتوبر الماضي «تحذيرًا مشتركًا « دعا الدول إلى وقف استخدام الأسلحة المتفجرة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان.
إضافة إلى هذا، فإن لهذه الأسلحة «نسبة فشل» ما يعني أنها قد لا تنفجر، وتبقى كذلك حتى يلتقطها الأطفال أو يدوسون عليها وتكون النتيجة فقد الأطراف أو الموت.
ويقول «محمد» البالغ من العمر 10 سنوات، كنت ألعب في الشارع حين عثر أحد أصدقائي على مجسم غريب الشكل على الأرض. التقطه وراح يلعب به إلى أن بدأ يتفرقع. وبعد ثوان انفجر أصبنا جميعا، وجاء الناس ليأخذونا إلى المستشفى. بعد ذلك علمت بأن ثلاثة من أصدقائي قد ماتوا، ومكثت في المستشفى وقتًا طويلاً، وأجريت لي عدة عمليات والآن أكره كل من يستخدم السلاح.
هذا وكان المركز اليمني لمكافحة الألغام، قد بذل جهودًا لنزع الألغام في جنوب اليمن، إضافة إلى تحذير الأطفال وعائلاتهم وتعريفهم بأشكال الذخائر غير المنفجرة، وتعمل منظمة رعاية الأطفال على معالجة سوء التغذية وتقديم الرعاية الصحية والماء النظيف والدعم النفسي-الاجتماعي للأطفال.
ودعت منظمة رعاية الأطفال إلى وقف فوري لإطلاق النار في اليمن. وأهابت بكل أطراف الصراع في اليمن أن يمتنعوا عن استخدام الأسلحة المتفجرة التي تنتشر آثارها على مساحة واسعة من المناطق المأهولة بالسكان.
ويضيف سانتياغو قائلاً: «إن تردّد المجتمع الدولي في الإدانة العلنية للكلفة الباهظة للصراع في اليمن إنما يعطي الانطباع بأن العلاقات الدبلوماسية ومبيعات الأسلحة تفوق في أهميتها أهمية حياة أطفال اليمن، مؤكدًا على العالم إلا يقف متفرجا في الوقت الذي يُقصف فيه الأطفال، بل عليه أن يطالب بحماية أرواح المدنيين والمنشآت المدنية كالمستشفيات.