زكية إبراهيم الحجي
أصبحت الأمراض غير السارية مشكلة صحية في المجتمع.. وتشير الدلائل أن انتشار أمراض معينة..كالسكري وفرط ضغط الدم هي من الأمراض التي تستشري بسرعة بالغة بين الشباب وصغار السن..ومن خلال مسح عام تبنته منظمة الصحة العالمية عام 2004 اتضح أن الأمراض غير السارية والسالفة الذكر أ
كثر انتشاراً في الدول ذات الدخل الأكثر ارتفاعاً.. يضاف إلى ذلك نمط الحياة التي ينتهجها الشباب والمراهقون في نظم وطرق الغذاء والتي عادة ما تكون نظماً غذائية غير صحية كالوجبات السريعة التي أدت سرعة وكثافة انتشارها إلى تزايد عدد مرتاديها بشكل يجعلنا نتساءل هل المجتمع والأسرة لا تعي مدى خطورة ذلك أم أنه تهاون وعدم مبالاة وعدم أخذ الأمر بجدية وترك الحبل على الغارب إلى أن»يقع الفأس في الرأس»كما يقول المثل..
وليس ذلك فقط بل حتى أن دور المدرسة والتربية والتعليم مفقود تماماً في مسألة التثقيف الصحي للطلاب.. وإذكاء الوعي حول المخاطر الصحية الناجمة من كثرة الاعتماد على الوجبات السريعة عالية الدهون والتي غالباً ما تمزج بنكهات صناعية مما يكسبها مذاقاً يسيل له لعاب الأبناء فيقبلون على تناولها بشكل دائم دون وعي أو ادراك.
أتساءل بعد هذه المقدمة.. إذا كانت الأسرة تتجاهل دور التثقيف الصحي للأبناء رغم أن غالبية الأسر تعي مدى أهمية ذلك وأن دورها في هذا الجانب لا يقل أهمية عن دورها في تهذيب السلوك وبناء الشخصية فلماذا لا تكون المقاصف المدرسية نافذة مفتوحة لنشر ثقافة غذائية صحية.
المدارس تمثل أوساطاً رئيسية لتعزيز صحة الأبناء.. بل تعتبر نقاطاً استراتيجية لزيادة الثقافة الصحية حول النظم الغذائية وأهمية الأنشطة البدنية حيث أن الأنظمة الغذائية السليمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأنشطة البدنية.. وما المقاصف المدرسية إلا ترجمة حقيقية لتفعيل هذا الدور في البيئة المدرسية التي يقضي فيها الطالب جلَّ وقته.. لذا لا ينبغي أن يكون المقصف المدرسي مجرد مكان يفرز سلبيات ظاهرها جميل وباطنها مؤلم.. أو أن يكون مكاناً للترف الاستهلاكي يجد فيه الطالب ما يشتهي ولو على حساب صحته
مؤسف جداً أن يعاني قطاع المقاصف المدرسية لدينا من تردي الخدمات وبدائية العمل وسوء المنتج الغذائي المقدم للطالب لافتقاره إلى كثير من مقومات الغذاء الصحي السليم والمناسب لجميع الفئات العمرية.. فواقع المقاصف خاصة مقاصف المدارس الابتدائية والمتوسطة لا تمتلك ولو الحد الأدنى من الشروط والضوابط المتضمنة جودة الخدمة والمنتج حفاظاً على سلامة وصحة الطلاب.. وهذا هاجس يُشغل تفكير أولياء الأمور خاصة أن معظم الأبناء لا يتناول وجبة الإفطار في المنزل.
من هنا أوجه رسالة إلى معالي وزير التعليم.. أبناؤنا مثل ما هم بحاجة إلى الغذاء العقلي والمعرفي والتربوي فهم بأشد الحاجة إلى أطباق غذائية صحية وسليمة توفرها المقاصف المدرسية بأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.. أبناؤنا بحاجة إلى الطبق الغذائي المتوازن بالكيفية والنوعية وليس بالكمية.. أبناؤنا يطالبون التقيد بتطبيق الاشتراطات والمعايير الصحية الشاملة المتعلقة بالمقصف المدرسي يطالبون برقابة صحية مستمرة على المقصف وعلى قائمة الأغذية المباعة.. كذلك ومن الأهمية بمكان لا بد من ربط التغذية مع الفصول الدراسية لتطوير التثقيف الصحي الغذائي عند الطلاب.. لعل رسالتي تصل إلى معالي وزير التعليم.. فكما يقال العقل السليم في الجسم السليم.