عبدالعزيز السماري
في يوم الاثنين، 28 سبتمبر/ أيلول 2015 أفاد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اليوم (الاثنين)، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن «على طهران وموسكو إدراك أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من أي انتقال سياسي».
وفي يوم الجمعه، 27 نوفمبر 2015، تحدث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للمرة الأولى عن إمكانية مشاركة القوات النظامية السورية في الجهود الدولية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وكانت تفجيرات باريس الأخيرة ساعة التحول الفرنسي غير المؤكد إلى اليوم في موقفها من نظام بشار السوري، فهل تعلن فرنسا قريباً تأييدها التام لنظام بشار؟.
قد يختزل هذا الانقلاب السياسي بعض من فصول حكاية الثورة السورية الحزينة، والتي تحولت بعد سنوات من انطلاقها كثورة شعبية تطالب بالحرية من قبضة النظام الأسدي المستبد، إلى ثورة إرهابية، سيتحد العالم من أجل إخمادها، وقد قدمت روسيا إلى الأرض السورية من أجل محاربة الإرهاب، وقبل ذلك دخلت إيران وحزب الله، والذين يمثلون أحد صور التطرف الديني المنظم في المنطقة.
قصة تحول ثورة الحريه في سوريا إلى إرهابية تحكيها قصة أبو القعقاع السوري أو محمود أغاسي، وتحكيها أيضاً سيرة الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي في دمشق وبغداد، ويمثل هذان الشخصان قصة نجاح أجهزة الاستخبارات في السيطرة على الحركات الجهادية أيام الاحتلال الأمريكي للعراق، وكانا يقومان بأدوار لجذب المجندين المجهولين إلى مواقع القتال، ثم استخدامهم من دون أن يعلمون لخدمة القضايا السياسية غير المعلنة.
علمنا التاريخ أنه من السهل اختراق المنظمات السرية، وقد تم اختراق المنظمات الشيوعية في الماضي بنفس الأساليب، و تم استخدامها لاختراق جماعات الجهاد الإسلامي في التاريخ المعاصر، وقد تم اختراقها بأشخاص يتقنون مفردات الخطاب الديني، ولكنهم يعملون لجهات استخبارات دولية، وقد تم التسلل لأوكار القاعدة في أوج نشاطها، و تصوير أسامة بن لادن داخل مخبئه السري، وهو منتشياً بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.
كانت سيرة الجهاد الإسلامي منذ بدايتها في أفغانستان تحكي قصص نجاح مثير للاستخبارات، وكيف تم تجنيد شباب في مقتبل العمر للموت في سبيل قضايا خاسرة، بدلا من استثمارهم في مجالات الحضارة المعاصرة وفي التنمية والصناعة والتعليم المتخصص، وقد ساهم تجريم العمل السياسي المعلن والشفاف في كثير من دول الشرق في التشجيع على الانخراط في الجماعات الدينية السرية.
قد تتساءل عن سر نجاح العمل الاستخباراتي في المنطقه العربية، ولماذا نجحوا في إحراق أجيال عربية وتحويلهم إلى رماد في العمليات التفجيرية في مختلف بقاع الأرض، ولا يمكن تجاوز إجابة هذا التساؤل المؤلم من دون وعي حالة العقل الإسلامي السياسي، والذي دأب على فرضية وجوب العمل السياسي السري أولا، ثم التحول لاحقاً إلى العنف من أجل الوصول إلى أهدافهم.
ساهم قلة الوعي السياسي عند بعض الشباب المتدين، والذي تلم تلقينه للانقياد الأعمى خلف الخطاب الديني المبطن بالأغراض السياسية، وقد ساعد بعض الحركيين في جيل الصحوة في تقديم السيرة الأولى للرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم على أنها النموذج الإلهي في الدعوة، والتي تنقسم إلى جزأين أولهم الدعوة السرية، وثانيهم الجهر بالدعوة وقتال المشركين.
من خلال هذه البوابة دخل ضباط الاستخبارات الملتحين، والمتسلحين بالخطاب الديني، وقد كانوا بمثابة الطعم الذي جذب الشباب غير الواعي إلى مراقدهم الأخيرة في الأراضي البعيدة، وكان الخاسر الأكبر هو الوطن والمستقبل، ولازال بعضهم إلى الآن يقبل الدعوات السرية والقادمة عبر الحدود لتجميع أكبر عدد من الشباب العربي من أجل المحرقة الكبري في أراضي الشام.
لتكن الثورة السورية عبرة للشباب المسلم والعقول الواعية، فالجماعات السرية مجال خصب للعمل الاستخباراتي، وقد نجحت المنظمات الاستخباراتية بالفعل في تحويل ثورة الحرية إلى ثورة إرهابية في سوريا، ونجحت في استدعاء جيوش العالم لمحاربتها، وقد بدأو في القدوم إلى سوريا، وبدأت الحرب على شباب الثورة بعد أن تم وسمهم بالإرهاب الداعشي الذي صنعته البرامج الاستخبارتيه بامتياز مخيف.