تركي بن إبراهيم الماضي
شير مصطلح « تسونامي « إلى الموجة الكبيرة، كما عرَفها اليابانيون، الذين ذاقوا مرارة هجماته المدمرة على أراضيهم.
وهو أي التسونامي، عبارة عن سلسلة من أمواج البحر السريعة والقوية، التي تنتج من الزلزال أو البراكين أو سقوط النيازك في البحار والمحيطات.
يوحسب موقع الـ BBC على الشبكة العنكبوتية فإن « الفارق بين أمواج التسونامي وأمواج البحر العادية هو أن طاقة الأولى تستمد من حركة الأرض وليس من الرياح. ويصل طول أمواج التساونامي ( أي المسافة بين موجتين متتاليتين ) إلى 100 كلم، كما أن الزمن بين إحدى موجات التسونامي والموجة التالية لها قد يصل إلى ساعة كاملة. وتصل سرعة أمواج التساونامي في المحيط الهاديء إلى 800 كلم في الساعة. فإذا وقع زلزال في مدينة لوس أنجليس الأمريكية ، تصل أمواج التسونامي إلى العاصمة اليابانية طوكيو في زمن أقل مما تستغرقه الرحلة بين المدينتين بطائرة نفاثة».
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز في علوم البحار، والتطور التقني، إلا أنه لا يمكن منع أو التنبؤ بالتسونامي على وجه الدقة - حتى ولو كانت مؤشرات الزلزال تشير إلى المكان الصحيح- إلا قبل وقوع الكارثة بدقائق!
ليس الحديث هنا عن علوم البحار، بقدر ما تعنينا ظاهرة التسونامي وتشابهها مع أحداث الربيع العربي، أو هكذا أزعم في تشابه الظاهرتين في كثير من الخصائص المشتركة:
أولها: من حيث أنهما لا يمكن التنبؤ ولا منع اندفاعهما.
ثانيها: في أن الظاهرتين يكمن مركز تحركهما في العمق. وهو ما يجعل حركتهما مركزية، وذات ثقل خطير، تسحب معها كل الأطراف والمكونات الأخرى.
ثالثها: أن كليهما مهيأ للإنفجار، لكنهما بحاجة إلى عنصر يشعل الشرارة الأولى . في التسونامي تلعب الزلازل والبراكين والنيازاك هذا الدور، في حين أن شعلة الربيع العربي بدأت عندما أحرق محمد البوعزيزي نفسه.
آخرها: أن درجة المسافة الزمنية بين موجة التسونامي والموجة التالية ، قد تتشابه مع حركة البشر في أنها عندما تصل ذروتها تنكمش، ثم تأخذ وقتها لتعاود الحركة، مهما كانت درجات الهدوء خادعة.
قد تكون هذه القراءة خاطئة، لكنها قابلة للاحتمال. وخاصة أن لكليهما درجة تدمير هائلة على الأرض والبشر. وإذا تجاوزنا التسونامي باعتباره حدثا خارج عن التحكم والسيطرة البشرية، فإن ما عرف بأحداث الربيع العربي لا يمكن اعتباره حدثا خارج عن التحكم، بدليل أن الخطأ البشري يتكرر فيه، بنفس الطريقة مع اختلاف الأسماء والأدوار. وإذا كانت حركة الفرد والجماعات لا يمكن قياسها ووضع قواعد علمية لسلوكها العام وحساب ردات فعلها، فيمكن القول أن أحداث الربيع العربي لم تنته بعد، وقد تصاحبها موجات ارتدادية أخرى، كما تفعل موجات التسونامي المتتالية.