عثمان أبوبكر مالي
على أنغام الأهزوجة الحجازية القديمة، أهزوجة المطر (يا مطر حطي حطي.. على قراعة بنت أختي) جرت مباراة ديربي الغربية التي جمعت بين قطبي المدينة (العجوز) جدة مساء الأحد الماضي، وأطلق عليها (ديربي الغرق)، الذي انتهى بفوز الأهلي بثلاثة أهداف نظيفة، جاءت مع الرحمة، وعبارات (آنستكم الرحمة) على منافسه الاتحاد، الذي كاد يغرق بنتيجة أكبر لو استثمر لاعبو الأهلي كل الفرص التي سنحت لهم في الشوط الأول، خاصة ضربة الجزاء التي أهدر بها (هدافه) عمر السومة فرصة تعميق النتيجة بهدف، لكنه تعاطف مع حمد المنتشري، ورأف بحال الجماهير الاتحادية مؤجلاً عملية (إخلاء سريع) للمدرجات، ليس معتاداً عليها.
ردة فعل الإدارة الاتحادية بعد المباراة مباشرة كانت إلغاء عقد المدرب بولوني؛ لامتصاص غضب الجماهير (العاشقة) التي تتعامل مع الفريق وأحواله بعواطفها، وليس بعقولها؛ وهو ما يؤخر النادي الكبير، ويؤثر على وضعيته منذ سنوات طويلة.
منذ عام 2009م والقرار الذي تستعمله الإدارات الاتحادية المتعاقبة عند الإخفاق والتراجع وعدم تحقيق النتائج التي ترضي غرور الجماهير الصفراء هو تغيير مدرب الفريق، بالتضحية به، وجعله (كبش الفداء). وخلال السنوات السبع الماضية غيّر الفريق خمسة عشر مدرباً، بدأ بكالديرون وانزو هيكتور ومانويل جوزيه وتوني أوليفيرا، مروراً بديمتري وماتياس كيك وكانيدا وبينات، وانتهاء بعمرو أنور وخوان فيرسيري وخالد القروني وبيتوركا، وما بينهم من (حلا) المدربين من أبناء النادي (حسن خليفة وعبدالله غراب ومحفوظ حافظ). وخلال تلك السنوات لم يتغير واقع الفريق في الدوري إطلاقاً، وبقي يدور في (حلقة مفرغة)، لم يحقق فيها سوى بطولة كأس الأبطال مرة واحدة، بعد (القرار التاريخي) وتجربة الهرماس التي (وُئدت) مبكراً بفعل فاعل.
قرار التغيير للجهاز الفني بإبعاد لازلو بولوني والاستعانة بعادل عبدالرحمن لن يضيف للفريق شيئاً، طالما بقيت أدواته كما هي، ولن يغير من واقعه طالما تواصل العمل الإداري بلا منهجية ولا رؤية، واستمر تسلط بعض اللاعبين على أمور الفريق الفنية والعناصرية وحتى الإدارية، ولن يتغير شيء إلا بقرار إحلال حتمي، هو المخرج الوحيد له إذا كانت هناك رغبة في العمل من أجل مستقبله، وجدية في السعي لتجاوز دوامته وانحداره وتراجعه واستمرار ابتعاده عن البطولات ومنصات التتويج. من غير ذلك سيبقى الحال على ما هو عليه، وأسوأ، وسيتكرر السقوط، وتتوالى الهزائم على أنغام (يا مطر حطي حطي.. على قراعة الإتي)!!
كلام مشفر
· (الفِرق الكبيرة لا يتم فيها البناء) هذه العبارة التي كان بعض إعلام الإدارة الاتحادية الحالية (يجلد) بها الإدارات السابقة عندما تفكر في تغيير جلد الفريق. واليوم ترفع الإدارة شعار (الفريق يحتاج إلى عامين من البناء) وسط تصفيقهم!!
· مهما فعلت الإدارة فإنها لن تستطيع الخروج والعودة بالفريق من غير (مشروع إحلال) حقيقي وعملي، يدعم صفوفه، ويستغني عن الأسماء المستهلكة والنجوم التي انتهت صلاحيتها، ويفتح الطريق، ويمنح الفرصة للأسماء الشابة والموهوبة.
· إحلال وتغيير عناصر الفريق يلزم أن يسبقه (تغيير) إداري، يأتي بأسماء وشخصيات كروية مارست اللعبة، وتملك (الفكر)، وتمنح الصلاحيات والميزانية الحقيقية، وليس الكاذبة (المفتوحة).
· دعم الفريق لا يكون بأشباه لاعبين، ولا الاستقطاب الكمي على طريقة (حبحب على السكين)، وإنما بالاستقطاب النوعي والانتقاء حسب الحاجة والمراكز، وبلاعبين يلعبون ولا يتحولون إلى (عفش زائد)!
· المثال على الاستقطاب (النوعي) أستخلصه من مباراة ديربي الغرق؛ فقد افتتح شريط الأهداف اللاعب (إسلام سراج)، واختتمه الظهير (علي الزبيدي)، وهما من استقطبهما الأهلي في الفترة الصيفية هذا الموسم.
· في عام 2011م حل فريق (مازيمبي) الكونغولي بطل إفريقيا (وصيفاً) لبطل أندية العالم، وفي ديسمبر القادم يعود إلى المشاركة للمرة الثانية في البطولة بفريق ليس فيه من لاعبي 2011م سوى لاعبَيْن فقط، أكبرهما عمره (28) عاماً، وليس (38) عاماً (ويا مطر حطي حطي..)!
· قفلة.. إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة، وإذا أفلس النجم قلَّ فعله، وزاد لغطه، وكثر هرجه.