خالد الأنصاري ">
مع إطلالة هذا العام الهجري الجديد، الذي شهد ميلاد موقع «شبكة رحاب مكة»، توافق الميلاد الحقيقي مع الميلاد المعرفي، الذي يكون في الغالب نتاجاً للباحث والكاتب؛ فيفرح به كما يفرح بالمولود الذي يبشَّر بحياة جديدة، فكذلك هي المعرفة في ميلادها.
ومن أجمل أنواع الميلاد للإنسان «الميلاد المعرفي»، الذي يمكن أن يندرج تحته ما يأتي:
أولاً: ميلاد الذكريات: وهي الذكرى الجميلة لتلك الليالي والأيام التي يعيشها الإنسان وهو في سعادة ورخاء، فيتذكر ماضيه بين الطفولة والصبا والمراحل الدراسية مروراً بزواجه وفرحته الغامرة بأبنائه وأحفاده إلى أن يقف عند مخرجاته العلمية والثقافية.
وللذكرى حديث ذو شجون
يذكرني بميلادي وفكري
ثانياً: ميلاد الأفكار: وهي بطبيعتها عسيرة الولادة، ولاسيما التي تعقب تفكيراً كثيراً أو عصفاً ذهنياً أو حادثاً مؤلماً أو رغبة جامحة في الكتابة والتنفيس.
أفكارنا حين تأتينا مرتبةً
إنجازها في حياتي ذاك ميلادُ
ثالثاً: ميلاد الكلمات: وهو الميلاد الذي ينساب نثراً وشعراً، ويولد عند الإمساك بالقلم؛ فتسيل به الأحرف في قالب مقالة مفيدة، أو تغريدة هادفة، أو خاطرة مؤثرة، أو قصيدة شعرية صادقة.
وإن أشعر بيت أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته صدقاً
رابعاً: ميلاد الروح: فحين يكون الإنسان متخبطاً في حياته بعيداً عن الإسلام وتعاليمه، ويدخل الإيمان في قلبه، تجده حينها يولد حقيقة كميلاد المسلم الجديد، وكذلك عند خروجه من المعتقدات الفاسدة والعادات القبلية الخاطئة يولد ويعيش ميلاداً جديداً.
فيجب على الإنسان أن يحرص على اقتناص واستثمار مراحل الميلاد المعرفي في حياته أكثر من حرصه على مناسبات ميلاده الحقيقي، عندها يدرك أن هذا الميلاد كلما زاد نقص من عمره بينما الميلاد المعرفي كلما زاد عظم من شأنه، وكثر إرثه يوماً بعد يوم، وترك بصمة تاريخية في حياته.
سخّر حروفك للتاريخ شاهدةً
على زمانك كالتدوين في الكتب
وعند بزوغ فجر كل يوم جديد يكون ميلاداً جديداً للإنسان المتفائل في هذه الحياة على حد قول العقاد في قصيدته:
ففي كل يومٍ يولد المرء ذو الحجى
وفي كل يومٍ ذو الجهالة يلحدُ