سلوى بنت عبدالباقي الأنصاري ">
في هذه الحياة مشكلات كثيرة يجب علينا مواجهتها والتكيف معها مهما كبر حجمها؛ وإن من أغرب هذه المشاكل حين يقوم البعض بالارتباط فقط لمجرد نزوة عابرة ولسان الحال يقول له:
ليس الزواج لشهوةٍ وغريزةٍ
إن الزواج تعففٌ وطهور
يتزوج أحدهم دون أن يلقي بالاً للعواقب ناسياً أو متناسياً ما هو الزواج وما شروطه وواجباته؛ ولم يفكر حتى من باب الإنسانية بمشاعر تلك الفتاة التي لا ذنب لها سوى أنها قبلت به؛ ما جعلني أفكر في كتابة هذا الموضوع هو قصة صديقة عزيزة أثارت بها مشاعري ولعلها لمست شيئاً في نفسي؛ هي فتاة كسائر الفتيات تحلم بمستقبل مشرق بجوار زوج محب وإنشاء أسرة؛ هذا حلم كل فتاة؛ تزوجت وعانت في زواجها الأول كثيراً وما لبثت أن تطلقت؛ وفي الزواج الثاني كادت تطير فرحاً لأن الله عوضها خيراً بهذا الزواج، كان رجلاً متعلماً وديناً، عاملها بالمعروف، تعلقت به كثيراً لحسن تعامله كانت الزوجة الثانية ولم يمنعها ذلك من التعلق به وهذا السائد في مثل حالتها لأنها لم ترجو إلا الستر والاستقرار، استمر الزواج لمدة أسبوعين فقط وفي الأسبوع الثالث، قال لها أنا مريض وسأذهب إلى بيتي وطلب منها الذهاب إلى بيت أهلها حتى يشفى، ذهبت إلى أهلها وهي تحمل الكثير من التساؤلات، وبعد أسبوع يتصل بها ويخبرها أنه لا يستطيع أن يكمل معها المشوار هكذا وبدون سابق إنذار ودون مشاكل، وقعت كلماته كالصاعقة على قلب تلك المسكينة التي أحبته بصدق، فقالت له أوضح لي الأسباب هل أخطأت في حقك يوماً؟.. وهل قمت بتصرف يزعجك؟.. ولسان حالها يقول:
طال السهاد وأرقت
عيني الكوارث والنوازل
لما جفاني من أحب
وراح تشغله الشواغل
ولكنه للأسف لم يجب على تساؤلاتها، فالجواب الوحيد هو أنه أخذ ما أراد وانتهت النزوة وعاد لزوجته الأولى وتركها بكل سهولة. إن من يتصرف بهذه الطريقة ويظلم مثل هذه الفتاة لابد أن يصدق عليه قول القائل: (وما من ظالمٍ إلا سَيُبلى بِأَظْلمِ).. ألا يخشى هذا مغبة ظلمه في هذه الحياة الدنيا؛ أو في الدار الآخرة:
أما والله إن الظلم شؤم
وما زال المسيء هو الظلوم
إلى الديان يوم الحشر نمضي
وعند الله تجتمع الخصوم
لماذا يسمح لمثل هذا باللعب بمشاعر الفتيات وهل يرضيه أن يفعل ذلك بابنته أو أخته أو إحدى قريباته؟.. فالزواج ارتباط شرعي مقدس وهو مقترن بالاستطاعة فإذا علم من نفسه عدم الاستطاعة فلا يحق له الزواج في الأصل فضلاً عن الزواج بالثانية.. فالأغلب من الرجال يعتقدون أن الزواج الثاني حق مطلق للرجل، أياً كان وضعه وهذا ما جعلنا نرى كثيراً من الأسر المفككة بسبب الزواج الثاني دون أن يقدر وضعه وقدرته مما جعل صورة الزواج الثاني مشوهة مشوشة عند الكثير من الناس لأن للزواج الثاني شروطاً وضعها الإسلام ومن خاف أن يخالف أحدها فالأولى له البقاء على واحدة حتى لا يعرض نفسه للحساب يوم القيامة؛ والطلاق بدون سبب شرعي مكروه، لما يترتب عليه من ضرر وإعدام للمصلحة وتشتيت للأسرة ناهيك عن الأثر النفسي الذي يقع على هذه الفتاة أو غيرها. ومما أنصح به التي تمر بهذه المعاناة من الفتيات ألا تستسلم لمثل هذه المواقف وأن تنطلق في الحياة تاركةً الماضي خلفها مستبشرة بأن ما كتبه الله لها هو الخير وأن لا تذرف دموعها على من تركها وذهب:
نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة
فكيف أبكي على شيء إذا ذهبَ
وأخير أسأل الله العلي العظيم أن يربط على قلب هذه الفتاة وأن يأجرها في مصابها ويخلفها خيراً إنه على كل شيء قدير.