إبراهيم الطاسان ">
درستُ العلوم السياسية، فوجدتها عند التطبيق علوماً كاذبة حينا ومنافقة أحيانا كثيرة. ورغم أن جل العلوم السياسية تحدثك عن نظم الحكم وأنواعها، وما يندرج من آليات لتحديد نوع النظام، وما يميزه عن النظم الأخرى، والآليات التي بموجبها يؤخذ بها لتحقيق الخيارات الشعبية، إلا أنها أيضاً تهتم بعناية بقواعد القانون الدولي، ومبادئ حسن العلاقة، ومراعاة مصالح الأطراف. ومن تلك المبادئ، مبدأ غاية في حسن الصياغة، وسمو القصد والغاية، وفي التطبيق على الواقع نجده موغلاً في خطيئة الكذب والنفاق. وهو المبدأ الذي نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة الثانية في الفصل الثاني من الميثاق، القائلة «يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأرضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة»، هذا النص امتُهن حتى ذهب الحياء من وجوه ممتهنيه، وصرخت عظام قد بليت تحت الثرى لواضعيه. ويفيض حاضرنا المعاش بنموذجين من ممتهني هذا المبدأ السامي، إيران الحالمة بالإمبراطورية «الفارسية» وروسيا «بوتين» الحالم «بالقيصرية». نموذج امتهان إيران لهذا المبدأ واضح جلي في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وروسيا لطخت وجهها بوحل أفغانستان، وتريد غسله بماء غوطة الشام. ولكنها أخطأت تقدير عمق النبع وستغرق، واليمن كنموذج كان سيكون النموذج الأسوأ لامتهان المبدأ، لولا لطف الله ثم مروءة وإباء سلمان الحزم - حينما تأسى بقوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، لبى استغاثة الحكومة الشرعية، لدحر العصف بالدولة والدستور والأمن المحلي والإقليمي من قبل قلة من اليمنيين ارتزقت بالعمالة لإيران، وهيأت لذلك بالطرق غير المشروعة من تهريب للسلاح والمال، والمنتفعين من الخائن لأمانات وطنه وأمته على صالح. وما حدث في اليمن من سفك للدماء المعصومة، وتهجير للعائلات، ونهب المال العام والخاص، وإعدام متعمد للبنية التحتية، وحرمان الإِنسان داخل اليمن من جرعة ماء أو دواء أو لقمة عيش، إلا النزر اليسير مما كانت ستؤول إليه اليمن كلها، وإن حاولت كلها أو بعضها الاعتراض فمصيرها مصير تعز التي أضناها وضعها حتى تبدت لها من بين فتوق مزن ساقتها رياح عاصفة الحزم، أكاليل زهور الفرح، وها هي قد استعدت للحظة زفافها على النصر بذن الله تعالى.
إيران وتطبيقا للمبدأ الأصيل من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتحت طائلة كل ما كانت سببا فيه كلبنان بمخلبها المهترئ حزب الله وزعيمه المنخلع فكرا حسن نصر الله، وفي سوريا حيث وضعت الطوق حول رقبة بشار، والعراق الذي عاثت فيه فسادا بواسطة الفاسدين من عينات نوري المالكي، أما اليمن، فقد أخزاهم الله بشهامة سلمان الحزم، ولن يبقى لهم من أثر فيه.
هذا الامتهان الصارخ لمبدأ سام من مبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول، يجب الدفع بطرد إيران من منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة حتى تلتزم بغايات الميثاق. وبقى لليمن أن يحتاط لما بعد القضاء على عصابات القتل الحوثية وعلي صالح، بالمبادرة لجمع السلاح وجعله تحت يد الحكومة الشرعية. فنظرة فاحصة، نجد أن البلاد التي يكون السلاح فيها متاحا للناس نراها بلادا تتنازعها المشاكل والخلافات خارج القانون.