جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا نبالغ لو قلنا ان مؤتمر فصائل المعارضة السورية المقرر عقده في منتصف شهر ديسمبر القادم في الرياض يعد أهم مؤتمر يحدد مصير ومسار الثورة السورية، بل وحتى مستقبل المنطقة.
أيضاً من حظ السوريين جميعاً والثوار ورجال المعارضة الوطنية الحقيقيين أن يعقد المؤتمر في الرياض، فقد اعتاد السوريون أن تعقد لقاءاتهم ومؤتمراتهم دون ضغوط ودون تدخلات سياسية أو غير سياسية ولا تفرض أجندات أو مواقف لا تخدم القضية السورية، بل يساعد السعوديون جميع من يعقد فوق أراضيهم مؤتمراتهم ولقاءاتهم ولا بد أن الجميع يستذكر ما حققته السعودية حينما جمعت الفرقاء اللبنانيين في الطائف وكيف أصبحت قرارات ذلك المؤتمر مرجعية جنبت اللبنانيين الكثير من المشاكل والعقبات. والآن السوريون يواجهون مشاكل أكثر بكثير مما كان يواجه اللبنانيين، فبالإضافة إلى أهمية توحيد المعارضة السورية، وتأسيس منبر سياسي وإعلامي واحد ينطق باسم السوريين المعارضين للنظام ويعملون ضمن الجهود المبذولة لتجنيب سوريا ليس فقط المجازر الدموية والقتل اليومي، بل أيضاً تقسيم بلدهم وتحويل سوريا إلى عدة كيانات عرقية ومذهبية.
المملكة العربية السعودية عندما تبنت عقد التجمع الشامل للمعارضة السورية دون تحديد أو اشتراط هوية المشتركين سوى أن يكونوا سوريين لا يهدفون إلا إلى بقاء سورية موحدة وأن تكون للسوريين وحدهم وأن يخدموا المصلحة الوطنية السورية دون توجيه من خارج الحدود، وهي إِذْ تفتح حدودها وأراضيها لكل اللاجئين السوريين الذين تجاوزوا المليونين ونصف المليون دون تميز أو تفرقة، هي أيضاً ترحب بكل المعارضين والثوار من جميع الاتجاهات والتيارات عرب وأكراد وتركمان ومسلمين ومسيحيين وغيرهم من الإثنيان الأخرى، إِذْ تهدف إلى أن يكون المؤتمر ممثلاً لكل السوريين بلا استثناء، ولهذا فإنَّ واجب المعارضين والثوار وكل السوريين أن يتجاوبوا وبصدق مع هذه المبادرة السعودية التي تمثل إنقاذاً لسورية المستقبل والابقاء على الدولة السورية والشعب السوري موحداً وأن توقف النزيف الدموي وتنهي التدخل الأجنبي الخارجي.
صحيح أن عقد المؤتمر والإعداد له وجمع كل أطياف المعارضة السورية عمل شاق ومضنٍ إلا أن المملكة العربية السعودية اعتادت القيام بمثل هذه المبادرات الشجاعة التي تتيح للسوريين أن يكون لهم تمثيل حقيقي في الجهود المبذولة حالياً لمعالجة الأزمة السورية، وان لم يفلح السوريون في تعزيز موقعهم في المؤتمرات التي تعقد لهذا الغرض ويختارون ممثلين صادقين وجديرين بتحمل هذه المسؤولية التاريخية، فسيكونون بعيدين عن التأثير على أي قرارات قد تؤدي إلى تقسيم بلدهم واستمرار عمليات القتال والدمار التي نالت الكثير من أبنائهم ودمرت مدنهم ومنازلهم، وهكذا مثلما أقدمت المملكة العربية السعودية على هذه المبادرة الشجاعة يتطلع العالم كل العالم، وفي مقدمتهم السوريون من قادة المعارضة موقفاً شجاعاً مماثلاً يتناسب مع هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ سوريا والمنطقة، وأن يتخلوا عن أي تحفظات أو شكوك لأن التاريخ وما تحقق على الأرض السعودية في كثير من اللقاءات يعزز النظرة الإيجابية التي ينتظرها السوريون ممن يثقون فيهم والذين عليهم ألا يضيعوا هذه الفرصة التاريخية حتى لا يفقدوا ثقة أهلهم.