د. عبدالواحد الحميد
تتيح التقنية الحديثة حلولاً جذرية للكثير من المشاكل التي تواجه البشر في مختلف جوانب الحياة. هذا الأمر صار من البديهيات، ومع ذلك ما زال هناك من ينظر إلى التقنية بريبة كبيرة لمجرد أنها تقدّم لنا حلولاً لم نألفها. وبسبب هذه الريبة، تُحرم بعض المجتمعات من الانتفاع بالتقنية وتظل تنتظر حتى يألف المرتابون التقنية الجديدة ويتعودون عليها، وبذلك تضيع سنوات من حياة الأجيال في تلك المجتمعات.
مشوارنا التنموي في هذا البلد سجل الكثير من الشواهد على تَجَذُّر هذه النظرة المرتابة التي بدأت - لحسن الحظ - تتغيّر في العقود الأخيرة وذلك بفضل انتشار التعليم والانفتاح على العالم والاستفادة من تجارب المجتمعات التي سبقتنا في توظيف التقنية في ما ينفع الناس والانتباه إلى سلبياتها لتجنبها بقدر الإمكان.
هناك الكثير من «المُشترَكات» بين البشر في المجتمعات المختلفة، ولذلك من الطبيعي أن تكون الحلول التقنية للعديد من المشاكل متشابهة في كل المجتمعات بالعالم. لكن، بالمقابل، نحن نعلم أن هناك مجتمعات منهمكة في توظيف التقنية في سباقها لاكتشاف أسرار الطبيعة وإيجاد العلاج للأمراض المستعصية واختراع آلات وأدوات وأجهزة تريح الإنسان في حياته وتيسّر له سبل العيش، بينما هناك مجتمعات أخرى ما زالت تدور حول همومها الاجتماعية الخاصة التي تكاد تستعصي على الحل لكثرة ما يُضاف إليها من تعقيدات بمرور الزمن مع أن حلها أبسط من البسيط بالنظرة الموضوعية المتجردة.
من ذلك بعض القضايا المتعلّقة بالمرأة في مجتمعنا، فنحن ما زلنا في حيرة من أمرنا كيف نتعامل معها، مثل موضوع التعريف بالمرأة في المحاكم الشرعية وفي بعض الأجهزة الحكومية. وقد قرأت مؤخراً أن وزارة العدل بصدد تطبيق نظام البصمة للتعريف بالمرأة في المحاكم الشرعية والدوائر العدلية وإلغاء ما يُسمى بـ «المُعَرِّف»، وكنت أعتقد سابقاً أن هذا النظام مطبّق منذ بعض الوقت، فهو كفيلٌ بحل المشاكل التي تواجه المرأة حين تحتاج إلى «مُعَرِّف» لإنهاء بعض معاملاتها.
يبدو أن التقنية قد أصبحت هي خير ما تعَوِّل عليه المرأة ما دام أن المشكلات التي تواجهها المرأة في مجتمعنا أعيت من يداويها، ولا نريد أن يأتي مَنْ يقول إن توظيف التقنية في مثل هذه الأمور في زمننا الحاضر هو تخلف؛ فليس الذي يده في النار مثل الذي يده في الماء!