نجيب الخنيزي
تحت عنوان «قضايا إستراتيجية ومستقبل وطن» دشن الملتقى الثقافي مساء الخميس الفائت موسمه الثاني عشر والذي حضره جمع غفير من المهتمين في قضايا الاقتصاد والشأن العام، ضيف الأمسية هو الشخصية الاقتصادية البارزة الدكتور عبد العزيز محمد الدخيل وكيل وزارة المالية السابق في محاضرته التي ارتجلها واتسمت بالشفافية والوضوح المنهجي، تطرق إلى تعريف الاقتصاد وتحديد مكوناته الأساسية والتي تتمحور من وجهة نظره في الإنسان والموارد البشرية، وقد حدد نطاق الضعف المتمثلة في الهيكل الاقتصادي غير المتوازن على هذين الصعيدين لكون اقتصادنا الوطني والدورة الاقتصادية ككل بما في ذلك القطاع الخاص كان ولا يزال يعتمد بدرجة أساسية على مصدر أحادي للدخل والتصدير، والمتمثل في البترول على الرغم من انقضاء تسع خطط خمسية للتنمية، والتي كانت تتحدث دوماً عن ضرورة تنويع مصادر الدخل الوطني، وقد تطرق إلى ما أسماه التكوين العقلي للإنسان السعودي المشبع بالفكر التقليدي الذي يحد من إمكانياته الإنتاجية والإبداعية، ومحدداً بعض أوجه الخلل التي تعيق تحقيق تنمية مستدامة، معتبراً البترول ثروة ناضبة مهما طال عمره، ومشيرا في هذا الصدد إلى التأثير المباشر لتذبذب أسعار النفط صعودا أو هبوطا على الاقتصاد الكلي، والذي يشمل الموارد المالية للدولة، والقطاع الخاص الذي وصفه بمثابة الطفل الذي يقتاد على مشاريع ودعم الدولة.
المحاضرة ثرية وعميقة وفي نفس الوقت سلسة وفي متناول فهم الجميع، والشيء الجميل هو الحضور القوي ومن الجنسين، ومن كافة مدن المنطقة الشرقية وخارجها رغم الأحداث الإرهابية التي حدثت مؤخراً في المنطقة الشرقية ومناطق أخرى في بلادنا، وبالتالي هي رسالة تحدٍّ بأن الإرهاب مهما تغول لن يثير الخوف بين الناس أو يضعف الوحدة والتلاحم الوطني، وقد أثريت الأمسية بالمداخلات وطرح الأسئلة العميقة من قبل العديد من المختصين والمهتمين بالشأن الوطني العام.
ركزت الخطط الخمسية المتتالية للتنمية (تسع خطط) في بلادنا على ثلاث مهام أساسية هي بناء البنية التحتية وتطويرها، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع مصادر الدخل، وبما في ذلك الجوانب الإنتاجية وتنميتها، من خلال إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص بهدف تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوسيع القاعدة الإنتاجية في مختلف المجالات، ورفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وتنمية الموارد البشرية عن طريق الاستمرار في تطوير التعليم والتدريب، والتركيز على توسيع مجال الدراسات والعلوم التطبيقية، والعمل على خلق البيئة المواتية لتدفق الاستثمارات الأجنبية.
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي هو الاقتصاد العربي الأول إذ يمثل نحو 25% من إجمالي الاقتصاديات العربية.
وبطبيعة الحال لا يمكن تجاهل التغيرات المهمة على صعيد مكونات الاقتصاد الوطني، غير أنه مازال يعتبر اقتصاداً أحادي الجانب يحتل فيه البترول ومشتقاته حصة الأسد على صعيد موارد الدولة والتصدير والدخل الإجمالي، وقد يكون هذا ضرورياً في البداية، إذ ينبغي الاستفادة من الميزة النسبية لموردنا الاقتصادي الأول في توليد منتجات إضافية ذات قيمة مضافة عالية، لكن من المهم العمل على خلق إمكانات وقدرات اقتصادية جديدة متعددة ومتنوعة.