عبد الاله بن سعود السعدون
تحظى الانتخابات البرلمانية التركية المعادة اليوم الأحد الأول من نوفمبر الحالي بأهمية بالغة لاعتبارها وبإجماع المحللين السياسيين والإعلاميين في تركيا والعالم لتداعياتها العديدة والمؤثرة في المستقبل السياسي القريب لحزب العدالة والتنمية ومعه المشهد السياسي لتركيا بمحيط العملية السياسية بأكملها فعلاوة على تحديدها لنوع الحكومة القادمة ائتلافية
أم أغلبية ساحقة لصالح العدالة والتنمية ومن المنتظر أيضًا اختبار قوة الصوت الكردي وثباته بالتأييد الكامل كما حدث بالانتخابات التي جرت في شهر يونيو الماضي واتجاه الصوت الكردي نحو حزب الشعوب الكردي وتأثيره المباشر على تقسيم المقاعد البرلمانية بين الأحزاب الأربعة المتنافسة (حزب العدالة والتنمية - حزب الشعب الجمهوري - حزب الحركة القومية - حزب الشعوب الديمقراطي) مما أظهر أجندة برلمانية متفرقة بتوزيع المقاعد البرلمانية مما يصعب معها تشكيل حكومة جديدة من حزب واحد وتعثر معها أيضًا تكوين ائتلاف وزاري من حزبين وأكثر لتضارب عروض تلك الأحزاب المتنافسة وعدم توافقها ببرنامج موحد يحدد مسيرة السلطة.
الحكومة الائتلافية، وأمام وصول جهود الدكتور أحمد داوود أوغلو لطريق مسدود وإعلان عجزه لتأليف الوزارة وبعد التشاور مع رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية تم الإعلان عن اللجوء للانتخابات المبكرة ونتائجها تحدد نوع الوزارة القادمة بين الأغلبية والائتلاف.
حزب العدالة والتنمية ورئيسه داوود أوغلو استعدوا وبشكل واضح يفسره برنامجهم الانتخابي الذي ركز على مكاسب جيدة وكثيرة تتجه لصالح ذوي الدخل المحدود وطبقة الشباب بصورة خاصة ومخاطبة عموم الناس وبكل فئاتها المهنية والقريب جدًا من عقلية المواطن التركي واحتياجاته المعيشية اليومية من خدمات ودخول إضافية لتحفيزهم للإدلاء بأصواتهم للعدالة والتنمية وركز البرنامج الانتخابي على الوعود الاقتصادية وخاطب شريحة الشباب بالعمل على تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية لسن 18 عامًا وتشجيع المشروعات الشبابية بتقديم تمويل مالي لها غير مسترد وبإعفائهم من الضرائب العامة لمدة ثلاثة أعوام كما أعلن رئيس حزب العدالة والتنمية بتعهد حكومته إذا نالت الأغلبية البرلمانية بدفع مرتب عام كامل لكل مؤسسة خاصة توظف شابًا لديها تشجيعًا للشباب وأيضًا دعمًا غير مباشر للمؤسسات الخاصة لتشجيعهم بتوظيف الشباب ضمن كوادرهم الوظيفية وبالتالي تقليل نسبة البطالة في تركيا.كما تضمن البرنامج الانتخابي أيضًا وعود للفلاحين وأصحاب المهن الحرة بمنحهم قروضًا مالية دون فائدة وبتسهيلات دفع ميسرة وتضمن البرنامج خططًا اقتصادية شاملة لتنمية جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية.
أما الإطار السياسي لبرنامج الحزب الحاكم الانتخابي فقد حدد اتجاه الحكومة القادمة نحو خيار النظام الرئاسي بديلاً عن البرلماني والعمل على تغيير الدستور ونوه بدعم الحق الفلسطيني ووسط موجة من تصفيق مؤيديه أعلن أن حكومته القادمة ستعمل بجد وإخلاص لرفع العلم الفلسطيني في القدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة والعمل الجاد المخلص لتوثيق العلاقات الطيبة مع الجوار الإقليمي ودول الخليج العربي والعالم الإسلامي وأعلن أيضًا بأن حكومته قررت إدخال اللغة العربية لغة القرآن الكريم ضمن مناهج الدراسة الابتدائية والمتوسطة كمادة اختيارية مع اللغات الأجنبية الأخرى وهي خطوة جريئة في مسيرة العلاقات العربية التركية تستحق الدعم والتأييد والشكر من الشعب العربي، كما أكَّد داوود أوغلو على العزيمة الأكيدة لدى حكومته القادمة لتذليل كل العقبات أمام رغبة تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب.
وحسب استطلاعات مؤسسات الرأي العام التركية تميل معظمها نحو ترجيح نيل حزب العدالة والتنمية الإسلامي للأغلبية المحدودة أي أقل من ثلثي عدد المقاعد البرلمانية البالغ عددها خمسمائة وخمسين نائبًا ومن الأرجح أن يعوض الحزب الحاكم بأصوات ناخبيه من المحافظات ذات الأغلبية الكردية وذلك لعزل تأثير حزب العمال الكردستاني الإرهابي عن العملية السياسية وترك الحرية للمواطن في الاختيار الانتخابي مما يجعل حزب الشعوب الديمقراطي في حرج لتخطي نسبة 10 في المائة من أصوات الناخبين الذي اعتمد كثيرًا على تأثير حزب العمال الكردستاني على توجيه الناخب الكردي لصالحه.. وبالتالي تضاف تلك الأصوات لمتصدر القوائم الانتخابية وترفع معه عدد المقاعد النيابية لحزب العدالة والتنمية.
وحسب استطلاع مؤسسة [ماك] التركية التي تبشر مؤيدو الحزب الحاكم بأن حزب العدالة والتنمية سيتصدر نتائج الانتخابات ويحقق الأغلبية البرلمانية بتحقيق أكثر من 267 مقعدًا برلمانيًا، أما الأحزاب الأخرى المعارضة فسيحافظ حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية على نسبتيهما من أصوات الناخبين، أما حزب الشعوب الديمقراطي فسيحقق المعجزة السياسية إذا تجاوز نسبة 10 في المائة من عدد أصوات الناخبين.
وأميل في تحليلي السياسي لنتائج الانتخابات المبكرة التركية بفوز الحزب الحاكم بالأغلبية المحدودة ونيله لأكثر من نصف زائد واحد لمجموع مقاعد البرلمان (267 مقعدًا) وتشكيله الوزارة القادمة بمفرده والخروج من نفق الوزارات الائتلافية وذلك لإدراك الناخب التركي وخشيته على تعرض المكاسب السياسية والاقتصادية للخطر التي حققتها الدولة التركية طيلة حكم حزب العدالة والتنمية وتحقيقه للاستقرار الأمني والاقتصادي والمسيرة الناجحة التي حققها خلال فترة ثلاثة عشر عامًا من تسلمه الحكم ويثق المواطن التركي وبصورة بالغة بتحقيق الوعود الانتخابية المدرجة بالبرنامج الانتخابي للحزب الحاكم ولا يخفى تأثير الارتباط الروحي بشخصية رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان الذي يحظى بالحب والتأييد من قبل الشعب التركي الشقيق. لتحقيقه وحزب العدالة والتنمية معًا نموًا اقتصاديًا مذهلاً ومركزًا سياسيًا مفصليًا مؤثرًا في السياسة الإقليمية والدولية.