د. أحمد الفراج
وتستمر المفاجآت في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة 2016، فقد كتبت عن الصعود الصاروخي للمرشح الجمهوري دونالد ترمب، والآن حان دور الحديث عن المرشح الديمقراطي، السيناتور برني ساندرز، وهذا المرشح يتميز بعدة أمور، فهو كبير في السن، إذ يبلغ من العمر أربعة وسبعين عاماً، كما أنه يساري اشتراكي، ومن مناصري حقوق الأقليات، وكان ناشطاً بارزا، أيام حراك السود لإقرار قانون الحقوق المدنية، في ستينيات القرن الماضي، كما أنه ناشط في مجال حقوق المرأة، وحق المواطن في الحصول على عمل، وبالتالي فهو الضد تماماً لأيدولوجيا الحزب الجمهوري، كما أنه في مواقفه هذه يعتبر يسارياً أكثر من الرئيس الحالي باراك أوباما، والذي يتهم بأنه مسلم، وللمرشح برني ساندرز شعبية كبيرة هذه الأيام، ولكنها شعبية تخفيها شعبية المرشحة هيلاري كلينتون، والتي تمر بظروف قاسية، كما كتبنا في مقالات سابقة.
المرشح الديمقراطي، برني ساندرز، يهودي من أصول بولندية، وقد تعرّضت أسرته لما تعرّض له السكان اليهود تحت الاحتلال النازي، ويذكر ساندرز أن أحد الأسباب الرئيسية التي جعلته يهوى السياسة منذ سن صغيرة هو حقيقة أن الشعب الألماني صوّت لانتخاب الزعيم النازي ادولف هتلر، وهو الإنسان الذي تسبب في إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية، وقتل عشرات الملايين من الناس، والرسالة التي يريد أن يوصلها المرشح ساندرز هي أن الديمقراطية قد تجلب زعيماً سيئاً، وبالتالي يتوجب على كل من يرى في نفسه القدرة على القيادة أن يترشح، حتى لا يفسح المجال لانتخاب السيئيين، وهي فلسفة تجد قبولاً واسعاً لدى جمهوره، ومن يتابع النشاط الانتخابي للمرشح ساندر يجده نشيطاً ممتلئاً بالحماس، رغم عمره المتقدم، وهو الآن يقبع خلف هيلاري كلينتون فقط، متقدماً على مجموعة لا بأس بها من مرشحي الحزب الديمقراطي البارزين، بل إنه يتقدّم على هيلاري في بعض الولايات الهامة، وهي مفاجأة تعادل مفاجأة دونالد ترمب في الحزب الجمهوري.
المرشح برني ساندرز يمثّل ولاية فيرمونت الصغيرة جداً في مجلس الشيوخ، وقبل ذلك كان يمثّلها في مجلس النواب، وقد سبق ذلك انتخابه ليكون عمدة لمدينة برلنقتون في ذات الولاية، وخلال كل ذلك لم يكن منتسباً لأي حزب سياسي، بما في ذلك الحزبان الرئيسيان، الجمهوري والديمقراطي، بل كان مستقلاً، وهو يحمل السجل القياسي كأطول مرشح مستقل يخدم في الكونجرس الأمريكي عبر التاريخ السياسي لأمريكا، ولكنه الآن مترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، وهذا أمر بدهي، فأيدولوجية الديمقراطيين تتماشى مع أيدولوجيته الخاصة، ومع أن حظوظه بالفوز بترشيح الحزب للرئاسة تظل ضعيفة، في ظل وجود هيلاري كلينتون، إلا أنه قطعاً لن يكون خصماً سهلاً، وسيزعج هيلاري ، تماماً كما أزعجت هيلاري المرشح باراك أوباما، في عام 2008، ومن يدري فقد تحدث المعجزة، فلنواصل متابعة هذه الانتخابات المشوّقة جداً!!