د. أحمد الفراج
المرشح الجمهوري دونالد ترمب لا يصدق ما يجري؛ فهو يتصدر سباق الرئاسة الأمريكية للانتخابات القادمة 2016. ولِمَ لا؛ فترمب يعرف أمريكا جيداً، ويعرف أنها الإمبراطورية التي رأسها سياسيون من عيار ثقيل جداً، من وزن توماس جيفرسون، وإبراهام لينكولن، وفرانكلين روزفلت، وجون كينيدي، وريتشارد نيكسون.. ويعرف أنه لا يمكن لثري سطحي، وعنصري وقح مثله أن يرأس أمريكا إلا في ظروف استثنائية، ويبدو أنه بدأ يصدق ما يجري؛ وبالتالي فقد زج بأفراد أسرته للمشاركة في حملته الانتخابية؛ فالأسرة أمر مقدس في الثقافة الأمريكية. وكم كان طريفاً أن تتحدث ابنة ترمب المدللة، افانكا ترمب، عن الأشياء العظيمة التي سيفعلها والدها للمواطن الأمريكي، وهو ذات الوالد الذي رفض مشاركة رجلَيْ الأعمال النبيلَيْن، وارين بافيت وبيل قيتس، للتبرع ولو بجزء يسير من ثروته للأعمال الخيرية؛ فهو لا يجيد إلا حياة الترف، وكسب المزيد من المال، والزواج من عارضات الأزياء!!
لا أستغرب ما تحدثت به ابنة ترمب؛ فكل فتاة بأبيها معجبة، وخصوصاً إذا كان والدها ثرياً، ووفر لها كل ما لا يخطر على بال من الرفاهية، ولكن المستغرب حقاً هو هذا الشعب الأمريكي الطيب حد السذاجة، الذي يصدق أن شخصاً بمواصفات ترمب سيجلب له مقتضيات السعادة؛ ولذا نراه يجري اليوم وراء هذا المرشح المتغطرس حد الوقاحة، وفي ذات الوقت لا يلتفت هذا الناخب الأمريكي لمرشحين أمريكيين حقيقيين، مثل راند بول، الذي يملك كل المواصفات اللازمة، الفكرية والعلمية، وحتى الأخلاقية؛ ليغير من حياة الأمريكيين، وليصنع فارقاً ملموساً، ولكنها السياسة الأمريكية بكل تجلياتها. فقبل راند بول رفض الشعب الأمريكي والده المرشح رون بول، واختار رئيساً اسمه جورج بوش الابن!! وشتان بين الاثنين، ولكنه الشعب الأمريكي، والحراك السياسي للإمبراطورية الأمريكية.
أحياناً، تشعر كمراقب بأن الانتخابات الأمريكية هي عبارة عن عرض مشوق، تتابعه بشغف، حتى ولو كنت تعرف النهاية، أو حتى لو سبق لك أن شاهدت ذات العرض. وهذه حقيقة واقعة؛ فإعلام المصالح الأمريكي يتعامل مع الانتخابات كعرض، ومن متطلبات العرض أن يكون هناك مفاجآت، وإثارة. ولأجل أن يستمر العرض دون أن يمل المشاهد تحدث أشياء لا تخطر على بال، مثلما يحصل حالياً مع دونالد ترمب. والآن، وبعد دخول ابنته معه لميدان السباق، فالمتوقع أن تزداد الإثارة، ويظل السؤال: هل سيستمر دونالد ترمب بطلاً للعرض، أم سيتم إسقاطه، ويُستبدل ببطل آخر، حسب مقتضيات مصلحة من يدير العرض (لوبيات المصالح)؟!! هذا ما ننتظر الإجابة عنه؛ ولذا فنحن متابعون، ومتحمسون!