الطفيلي ">
برغم أن سنه تجاوز الخمسين عاماً، وهو أب لأسرة وأبناء، إلا أن تصرفات هذا الرجل لا تزال غير متوازنة، وينقصها حسن التدبير والتصرف، بل إن هذه التصرفات لا تتفق إجمالاً مع سنه وكونه يعمل موظفاً.
فقد كان يمكث في مقر عمله بعد نهاية الدوام الرسمي إلى قرابة أذان المغرب لا لشيء إلا من أجل إشباع فضوله وتأمل المكان والمكاتب الفارغة، بل ربما أحياناً ينهمك في فتح مكاتب وخزانات زملائه الموظفين وتقليب بعض أغراضهم ومتعلقاتهم.
حتى إن نفسه قد تتهاوى ويصبح ضعيفاً إلى درجة أنه قد يأكل بواقي الأطعمة والبسكويت، فيأخذ منها حتى لو كان آخر ما تبقى منها، بل إنه لا يترفع عن أخذ كميات من السكر الشاي وتخزينها بعيدا عن أنظارهم.
فهي ظاهرة عجيبة حيرت زملاءه في الإدارة بل هناك من قال: إنها حالة مرضية معروفة لدى قلة من الناس، كما أنها حيرت العلماء والباحثين.. فرغم أنه موظف ولديه راتب، وقادر على توفير مثل هذه المستلزمات والأطعمة الخفيفة إلا أنه يلجأ إلى مثل هذه الممارسات الغريبة؟!
ومن الممارسات المؤذية والتصرفات الغريبة انه يشارك زملاءه في المأكل والمشرب أثناء العمل إلا أنه لا يلتزم بدفع التكاليف الخاصة به حتى يشفق عليه الزملاء ويصبح أمر دعوتهم له من قبيل تصدقهم عليه وكأنه فقير أو معدم وهو واحد منهم!!.. لتزداد دهشتهم رغم أنهم يحاولون ترك الأمور تسير على ما هي عليه، وعندما يأتي الدور على هذا الطفيلي لأن يدفع المقابل المادي يسامحونه ويدفعون عنه بطيبتهم المعهودة وشفقتهم عليه، ولاسيما حينما يرون حالته ومظهره العام وثيابه الرثة وكأنه من المساكين والمعدمين.
وأحياناً تتطور الحالة لديه بأن يتصرف تصرفات هوجاء تنم عن عدم اتزان بأن يقوم بالتلصص على أجهزة زملائه المكتبية وحواسيبهم، فما أن يجد جهاز أحدهم مفتوحا وفيه بعض الأشياء الخاصة من صور ومعلومات أو جداول أو خلافه فيقوم بإحضار قرص ويحملها عليه دون علمهم وإذا وجد أوراقاً فيه شيء خاص بهم قام بتصويرها.
فقد كان الأمر عاديا عند الأكل والشرب أما حينما بات يخترق خصوصيتهم ويستولي على معلوماتهم ومتعلقاتهم الشخصية فإن الأمر بات مؤذيا ويحتاج إلى معالجة وردع له، لعله يكف عن هذه التصرفات المؤذية.
عندما شاء الله أن ينكشف أمره؛ فقد كان أحد الزملاء الذي يجلس هو الآخر بعد نهاية الدوام يرقب تصرفات زميلهم دون أن يعرف خاصة في موضوع الأكل وخلافه لكن عندما وصل الأمر لخصوصيات الناس وأسرارهم فإنه لن يسكت وطبعاً قرر هذا الرجل الخير الغيور على أسرار وخصوصيات زملائه إبلاغهم، حيث خاطبهم بألا ينسى كل واحد منهم عند نهاية الدوام أن يغلق جهاز الحاسب الخاص به فلربما دخل أحد والمكتب مفتوح وعبث بالجهاز وقد تكون فيه أشياء خاصة.
هنا بدأ كل واحد يفكر ويتذكر منهم من يقول: إنه فقد بعض متعلقاتهم الشخصية، ومنهم من قال: فعلاً وجدت جهاز الحاسوب مفتوحا على صفحة صور الأسرة..
فما كان منهم إلا أن بدؤوا بالحرص وتحريز أشيائهم وإقفال أجهزتهم الشخصية وما يتعلق في العمل إلا أن من أبلغهم رفض أن يفصح عن شخصية زميلهم الذي يعرفون أنه يمارس هذه العادات السيئة إلا أنهم لم يتصوروا أنه يستلب حقوقهم الشخصية، ويتطفل على خصوصياتهم وأعمالهم.. فقد أصبحوا حذرين تماماً.
فرغم تصرفاته ظل الجميع يشفقون عليه ويدعونه إلى تناول الإفطار معهم يومياً وعلى حسابهم.. فرغم أملهم أن يتغير أو يتبدل هذا السلوك لديه فقد ظل على ما هو عليه من تصرفات سيئة.. فالطبع لدى الطفيلي يغلب التطبع.
- محمد عبدالعزيز اليحيا
Mhd1999@hotmail.com