تشنجت وجعاً في غيابك.. ">
يكون البشر غالبا متماسكين تسندهم صلابة الوثوق يتحملهم لا يكسرهم كاسر، ولا يثني لهم ثانٍ إلى حين ذلك الأمر المقدر عليهم من فوق السموات السبع.. فيصيب الشموخ بهم وتتحدب صلابتهم وتركع ظهورهم طوعا للقضاء ضعفا للألم تماماً كما أصاب مرضك شموخ صبري يا أبي...
وبين ليلة وضحاها انقلبت موازين حياتي، تحولت لكومة تشاؤم .. امتلأت بالخوف من جميع الأشياء من الساعات من الليل من الفجر من الكلام من السؤال من القدر.
تلك الصلابة التي تردم داخلي تهشمت.. انحنيت فجأة، غابت شمسي كرهت يومي وكرهت دِلمي، وكرهت وقتي ..
ضج بي الإيمان فضجت به أصوات الدعوات في جوفي..
أيقنت بأنه هو الله فقط من سيعيد أبي كما كان وثقت به وتوكلت عليه .. وقفت كي استند على إخوتي فوجدتهم يرونني سندا، تحاملت على صبري بتهالك لا استطيع أن أصفه حتى اصلب ظهري .. تمنيت يا أبي أن أتقاسم معك قلبي فأحياء بنصف وتتعافى أنت بالنصف الآخر .. غبت عنا بسرعة لم تخطر على بال أنفسنا يوما .. مكانك لم يجلسه أحد وفنجال قهوتك في مكانه لم يرتشف فقده إحدى الصحف يا أبي تأتي كل صباح، وأمي تتبع طقوس اهتماماتك دون تقصير .. تشنجت وجعا من غيابك انهارت أيَّامي، عشرة أيَّام اغترفت من عمري كما اغترف الفرح من قلبي.
جمعتان مرت بنا لا نشتم بها إلا عطرك وانتظارك، جمعتان قسمتنا إلى بضع ومطعون قطعه.. فقد اكتشفت أننا صغار على ما حدث، وان القدر اختار الأمر الأصعب لاختبارنا ركضنا في كل اتجاه وأنت وراء بنايات المستشفى..
دعوات وصلوات وصدقة، علمني وجعك يا أبي البشر الذين يحبون ابتسامتي.. هتفت صديقتي الأنيقة وصفقت حينما ضحكت.. عرفت حينها أنني لم اضحك منذ زمن، علمني وجعك أن عمتي تحبك كثيرا وان أمي افتقدت نصفها الآخر، وان أخي الكبير بات كبيرا بالفعل وأننا تائهون من دونك.. علمني وجعك أن أحمد الله كلما لمحت ابتسامتك أو سمعت صوتك.
كلما سمعت خطواتك أو مر بي عطرك.. علمني وجعك أن الحياة في داخلي أنت.. تعلمنا أن نكون بجانبك أكثر وان نسعى لرضاك أكثر، وأنك في أعيننا كبير جدا، بألمك تألم الناس من حولك وتهافتت الأنفس عليه عرفت لماذا أنا فخورة جدا بك.. سمعت أحدهم يقول طيب قلبه وصفاء نفسه ستعافيه وعافاك الله وعدت لنا والحمد لله في كل قبلة لرأسك وامتلأ فنجالك وقرأت صحفك وتأنقت ثيابك.. الحمد لله بقدر كل دمعات إخوتي والتفاتات أعيني وفقدان قلبي الحمد لله انك أبي.
- شروق سعد العبدان