هل رحلت جورية؟ ">
تُمسك بقضبان شباك، وحدود من خشب قديم، تنادي على سراب يلتحف بالسواد: هاجر هاجر!!!
- إلى أين ترحلين؟
أتتركين بيتا ضمنا منذ الصغر!!! هاجر انظري إلي نظرة ربما تكون الأخيرة، عينيَّ ضاعتا بين سواد العباءات.. أديري وجهك لأرى عينيكِ للمرة الأخيرة،
هااااجر!
لا يرد ذلك الشبح المُبتعد، الفتاة وحيدة بين جدران بيت بارد لم يشفع لها تنور في زاوية البيت يتبقى بها ثار من نار بطعم الرماد، لازالت تبتعد، صوتها يترك صدى داخل أركان غرفة كانت لهما حياة منذ زمن.
أتتركينني أيتها الجاحدة لأرميَ جناحيَّ بين أحضان حزن عميق في زمن انفض من حولي كل من أحببتهم؟... أتتركين ذكرياتنا معا حين كنا نرتدي نفس الملابس؟ فراشنا واحد، في سرير لا يكفي سوى فرش واحد، ليس بيننا ظلاماً أو ظلاً بل كان لنا نورا، حتى إن أحلامنا كانت واحدة لا نخجل أن نقصها معا؟
هااااااااجر:
أندمتِ بعد أن وعدتني أن تتركي الوجود لي وحدي؟
الآن اطلب منكِ أن تعودي، انعمي به أنتِ... أعيدي لنفسي الحياة ولفساتيني زهورا ذبلت حين رحلتِ.. عودي واتركي عنك وعني كلهم، ضوء يتسرب في ذلك الزقاق يلقي بظل قضبان على أرضك زنزانة تحوي من يطلب الخروج.. لا لا إنه ظلي محبوس.. هل تعودين وتفتحين باب سجني، هاجر.. لِمَ لا تردين؟!
أرى تقاسيم وجهك كما حفظتها.. انتبهي!! لا تقتربي من حافة الماء ففيه عطش وهلاك، قدماها تغوص، ترفع عباءتها لتكشف عن ضوء يلتصق برجليها، ونقاط دماء تتسلل منها مُرسلة روحاً لهلاكها... أُغلِق الشباكُ ولم يتبقَ في القلب سوى ظلام وظل يلتحق بعباءتها.
- محمد يوسف