د. عبدالرحمن الشلاش
بعض الناس وبسذاجة بالغة يصر على وضع نفسه في مواقف «بايخة». هذا ما حدث تمامًا مع الممثل الكويتي المغمور الذي ساقه حظه الرديء لمقابلة بعض معجباته من المراهقات الساذجات في أحد المولات الكبيرة. ما أن دخل النجم الذي لا يعرفه إلا قلة من الفارغين والفارغات إلى بهو المول إلا ودخل بلا مقدمات في كرنفال تصوير وتبادل للابتسامات مع جماهيره المتيمة من البنات الصغيرات، وتبادل للإعجاب، وأثناء انهماك النجم مع «الفانز» فوجئ بقبضة هائلة أطبقت على علباه من الخلف، ثم «تلته» تلك اليد الغليظة مع رقبته وسحبته بسرعة لجمس الهيئة وسط الضحكات ودون أن يكون للنجم «المحبوب» بواكٍ يذرفن الدموع عليه.
ببساطة تورط الممثل محدود الذكاء، وجاء برجليه ليضع نفسه في موقف «بايخ» جدًا، أما من أغروه بالحضور فقد انسحبوا فورًا تاركين النجم الأسطوري يواجه تبعات الموقف، فمن التلة الفولاذية إلى ركوب الجمس والفشيلة أمام تلك الحشود المتراصة من الرجال والنساء والأطفال إلى الوقوع أخيرًا في قبضة الهيئة التي لديها تعليمات حكومية بمنع مثل هذه المظاهر، فماذا سيقول لهم وبماذا سيبرر؟ وهل لديه جهل بهذه الأمور وبالتعليمات المشددة التي لا يجرؤ على كسرها الممثل السعودي أو الفنان أو المشاهير لمبررات ترتبط بالأخلاقيات والذوق العام، وبطبيعة المجتمع المحافظة.
هذه الحادثة انقسم المتابعون حولها، فرغم استهجان الغالبية من الإعلاميين للحدث وأنه غير مقبول إلا أن هناك من لام رجل الهيئة على التلة العنترية فهؤلاء مثلاً يرون أن هناك أساليب أكثر حضارية كأن يطلب رجل الهيئة من الفنان المتلول مرافقته بأدب وبطريقة تحافظ على شخصيته أمام الناس، وعلى بقايا كرامته خاصة أنه لم يبد أي مقاومة تذكر. آخرون رأوا أنه حقه وما جاه وأن رجل الهيئة محق حين أنتصر للفضيلة والأخلاق وكان الواجب التعامل بقسوة أكبر حتى يتعظ هو وغيره ومثل ما قالوا «بنات الناس ما هي لعبة» لمثل هذا وأمثاله وكان عليه أن يحترم البلد وتعاليمها وأنظمتها ولا يتصرف بتلك الطريقة الفجة، فهل يرضاها لأخته أو لأهله! هناك فئة ليست مؤيدة ولا حتى معارضة للهيئة لكنها تمقت أساليب الاستظراف أو بالمعنى الشعبي الدارج «التميلح»، ويرون فيه نقصًا في الشخصية وبالتالي أعجبتهم «تلة» الرقبة بل وصفقوا لها بحماس منقطع النظير.
بعيدًا عن كل تلك الآراء فهناك نظام يجب أن يحترم، وذوق عام يجب أن يراعى وكان الأجدر بالممثل أن يتجه لبلدان أخرى تتيح له مثل هذا العرض وبكل أريحية، أو أن يحترم أنظمة هذه البلاد، لكن ثمة أمور كشفتها «التلة» الشهيرة لرجل الهيئة ومنها السطحية التي يعانيها الشباب والشابات وحالة الفراغ و»الفضاوة» التي يعيشونها، كما كشفت أن هناك بونًا شاسعًا بين التعامل الحضاري المطلوب مع مرتكبي الأخطاء وبين ما يمارس حاليًا فأعتى المجرمين يطلب منهم الامتثال للنظام وبهدوء لا يثير مثل تلك الزوابع في مكان عام يعج بمئات البشر والفضوليين.