د.دلال بنت مخلد الحربي
قامت الأستاذة الدكتورة هند بنت تركي السديري أستاذة الأدب الانجليزي في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بترجمة كتاب The uses and Abuses of history لمؤلفته مارجريت ماكميلان Margaret Macmillan إلى اللغة العربية بعنوان: التاريخ..الاستفادة منه أم استباحته؟. وقامت دار جامعة الملك سعود للنشر بنشره في العام 1436هـ/ 2015م.
جاء الكتاب في ثمانية فصول ناقشت فيه المؤلفة موضوعات من مثل التاريخ والهوية وتقديم فاتورة التاريخ وكيف يكون التاريخ مرشداً.. وتقول المؤلفة عن موضوع الكتاب:
«نستخدم التاريخ لنفهم أنفسنا ويتوجب علينا استخدامه لنفهم الآخرين» كما توضح في سياق آخر أن التاريخ: «لا يرقد في الماضي بأمان لننظر اليه حين نشعر بالرغبة في ذلك، يمكن أن يكون التاريخ مفيداً ولكنه خطير جداً ومن الحكمة النظر إلى التاريخ على أنه أحياناً معتدل وغالباً مرير، يرقد تحت الحاضر ويؤثر بصمت في مؤسستنا، وطريقة تفكيرنا وما نحب وما نكره».
ومما يبرز بشكل واضح منهج هذا الكتاب ما أشارت إليه المؤلفة من أن التاريخ للعظة والتجربة والعبرة وأنه من السهل أن نختار ما نريده ومن الممكن استخدام الماضي لأي أمر في الحاضر، ولكن نحن نسيء للتاريخ حين نزيفه أو نكتبه من وجهة نظر أحادية لنبرر التعامل السيئ مع الآخرين.
وقد قدمت المؤلفة عبر صفحات كتابها أمثلة عديدة لنماذج سوء الفهم للتاريخ على أيدي مستخدميه سواء كانوا سياسيين أو مؤرخين أو كتاب تاريخ هواة.
الكتاب يعد من الأعمال التي تنظر للتاريخ بصورة اجمالية وتوظف الأحداث للخروج برؤية واضحة، وموضوعه تفسير رؤية التاريخ في قضايا محددة وإعادة النظر فيها برؤيا مغايرة، كما يطرح الكتاب أحداثاً تاريخية دار حولها جدل واسع ووضح كيف استخدمت الآراء المختلفة لأغراض أيضاً مختلفة.
ووفقاً لرأي مترجمة الكتاب فإن المؤلفة تناقش «كيفية استخدام الإنسان للتاريخ وكيف يسيء أحياناً استخدامه له، فقد يكون التاريخ محرضاً لأعمال قومية أو زعامة دولية أو انتكاسة اقتصادية واجتماعية وسياسية.
كما تبين المؤلفة كيف قام العديد من السياسيين والقادة بالإساءة إلى التاريخ وتطويعه ليخدم مصالحهم مما نتج عنه تاريخ مزيف أفرز مزيداً من القهر والألم».
ختاماً:
لاشك ان المكتبة العربية بحاجة إلى هذه النوعية من الكتب، والتي تحمل فلسفة علمية لتراكم معرفي تاريخي، وهو (أي الكتاب) يبتعد عن النمط التقليدي للكتابة التاريخية والمنتشرة في المنطقة العربية والتي تعتمد على السرد.
ومن المهم الإشادة بالمترجمة الدكتورة هند السديري التي أحكمت نقل الكتاب إلى العربية بأسلوب مترابط ولغة محكمة لا يشعر الانسان معها بأي نوع من عدم الوضوح والارتباك.