الشورى يوصي بربط الراتب التقاعدي بمعدل التضخم.. فمتى يتقرر ذلك؟ ">
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثر الحديث مؤخراً عن ملف التقاعد والمتقاعدين والجهات المعنية بالتقاعد وكذلك تدخل مجلس الشورى في متابعة هذه القضية التي اعتبرت شائكة ولم يتضح لها حلول قريبة ووردت عدة استفسارات عند مناقشة التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتقاعد في مجلس الشورى في نهاية شهر ذي الحجة واسباب العجز القادم لهذا الصندوق، ولماذا تأخرت مستحقاته التي تجاوزت 51 مليار ريال لدى وزارة المالية، ومطالبة الاعضاء بضرورة جدولتها واتخاذ الاجراءات التصحيحية لمعالجة ذلك العجز خصوصاً صندوق التقاعد العسكري، مع مراجعة الإستراتيجية الاستثمارية لرفع العائد بما يماثل نظيراتها في العالم مع وجوب تنوعها وتقييمها قبل وبعد وأثناء الدخول فيها، وكذلك توزيع الاستثمارات على مناطق المملكة للإسهام في تنمية تلك المناطق وتنمية الاستثمارات، مع ضرورة استثمار الأراضي البيضاء التي تملكها المؤسسة والمنتشرة في عدد من المدن، مع التحفظ على استثمار ما قيمته 43% من رأس مال المؤسسة في سوق الاسهم وهو مجال محفوف بالمخاطر والتذبذبات التي لا تعتمد في الغالب على أسباب واضحة مما يجعلها عرضة للخسارة غير المتوقعة، والخلوص لعديد من التوصيات الهامة التي بموجبها أعيد دراسة الملف من اللجنة المختصة وبما ورد من الملاحظات عليه والتي من ضمنها توصية احد عضوات المجلس بطلب استدعاء وزير المالية للاستفسار منه عن اسباب الدين والعجز والالتزام بجدولة مستحقات المؤسسة لدى الوزارة لأنها مستحقات عامة تخص المتقاعدين وهي لازمة الدفع خاصة وأن الصندوق العسكري للتقاعد مهدد بالعجز خلال ست سنوات والمدني خلال ثمان سنوات وهذا يجعل الامر اشد خطورة، مع التساؤل عما تم على نظام التقاعد المدني والعسكري الجديد الذي انجزته المؤسسة قبل سنوات ولم يرى النور بعد والإشارة إلى أن متقاعدي النظامين (المدني والعسكري) يتجاوزون 600 الف متقاعد وتتعلق امالهم بتجديد النظام بالكامل، والسؤال الاهم،, هل يستطيع المجلس ان يحرك ساكناً غير التوصية فالقرار ليس من اختصاصه.
والمفرح للمتقاعدين هو توصية عضو المجلس بربط الراتب التقاعدي بمعدل التضخم لدعم القوة الشرائية للمتقاعدين وهذه التوصية وردت أيضاً أثناء مناقشة تقرير التأمينات الاجتماعية السنوي مع العلم أن هذه التوصية قد قدمت منذ سبع سنوات تحت قبة المجلس وأعيدت التوصية بها قبل ثلاث سنوات وهو إقرار من المجلس واعتراف منه أن الراتب التقاعدي مع تفاقم معدلات التضخم لم يعد كافياً في الأصل لسد معيشة أكثر من 60% من المتقاعدين وبالاعتماد على بيانات دقيقة لمصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات نجد أن القوة الشرائية لراتب المتقاعد قد انخفضت بنفس تغير معدل الاسعار العام خلال عشر سنوات والذي تجاوز 40% وإذا أتينا على تفاصيل ذلك نجد أن معدلات التغير في الأسعار لبعض السلع الضرورية يتجاوز 70% والحد الأدنى لتغير السلع الأساسية جاوز 30%، وهذا يؤكد أن هذه التوصية لعضو المجلس تحتاج التوقف الطويل عندها والمطالبة بها حتى تقر للمتقاعدين جميعاً ويمكن أن تكون على نسب مختلفة حسب شرائح الراتب التقاعدية لأن من دخله التقاعدي بسيط ولا يكفيه حتى للمعيشة ليس كمثل من دخله التقاعد يكفيه ولو للكفاف وليس كمثل من دخله التقاعدي عالي ويوفر منه لأنه يسد حاجته ويزيد، ونحتاج لدراسة أكثر عمقاً وادق في التحليل طالما أن بيانات الرواتب التقاعدية متوفر سواء في مؤسسة التقاعد أو التأمينات الاجتماعية فالمستفيد هنا وهناك وكذلك المتضرر هو مواطن سعودي يحظى باهتمام وحرص ولاة الأمر ويوصون المسؤولين برعايته والعناية بكل ما يخصه.
المحزن أن الحديث عن التقاعد والمتقاعدين وتضررهم من معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لرواتبهم المجمدة وعدم رفع الراتب التقاعدي لهم برقم يماثل الحد الأدنى للرواتب التي وجهت بها القيادة الرشيدة ومنحه علاوة سنوية حديث يتكرر كثيراً ومن لا يجد موضوعاً يتحدث فيه عليه أن يطرق هذا الباب المغلق الذي لم يجد من يصححه ويعتبره قضية أو مشروع وطني ينبغي تضافر الجهود كلها من أجل ألا يكون دخل المتقاعد شبحاً مخيفاً له ولأسرته فيما بقي له من عمر أو بعد أن يتوفاه الله، خاصة وأن هذا نهاية كل موظف سواء كان قطاع عام أو قطاع خاص، ولا نرغب الوصول إلى القناعة أن المعنيين بهذا الملف غير مكترثين بهذا الهم لأن دخولهم التقاعدية تكفي عشرات الأسر وهذا لا شك فضل الله يؤتيه من يشاء ولكن لا ننسى أن من الإيمان أن يحب الانسان لغيره ما يحب لنفسه، أما مسألة الخصاصة والإيثار في مرتبة مثالية نتطلع أن يكون فيها من يملك القرار أو التوصية لولاة الأمر الذي سيحققون ذلك إن رفعت التوصيات والنية في تنفيذها والأخذ بها، أما أن توضع التوصية بالمعوقات دون ذكر الايجابيات فإن الأمر سيكون واضحا بضرورة الرفض لعلاج هذا الملف المريض مرض مدنف، ثم لا ننسى أن متقاعدي النظامين (العام والخاص) يتجاوزون المليون مما يحمل المسؤولين ضرورة الاستعجال بدراسة هذا الملف بأقصى سرعة لأن الوضع يتفاقم والضغوط تكثر ودرجة الاحتقان في بعض المستويات تزداد، والمحتاج قد سأم من كثرة التداول في هذا الملف واجهضت آماله.
ختاماً, أرجو ألا يطول النقاش حول هذا الملف في مجلس الشورى الموقر لأن نقاش التقرير يتم سنوياً أو أكثر من مرة في السنة والتوصيات تتكرر والعجلة لا تزال واقفة، ونتطلع جميعاً أن تزف لنا البشرى بمولد جديد لنظام التقاعد يواكب هذه التغيرات ويتوأم مع الانفجار السكاني والوظيفي والتقاعدي وكذلك المعدلات العالية للتضخم، كما نتطلع من مجلسنا النخبوي أن تكون العطاءات والتوصيات بمستوى الطموحات وتأخذ في ذلك جميع الشرائح مع التركيز على المحتاجة منها مع تقديرنا لتوصية المجلس التي طالبت أيضاً ربط مخصصات الضمان الاجتماعي بمعدلات التضخم حتى تتم المحافظة على القوة الشرائية لهذا المخصص الذي يلامس الشريحة الأغلى وهم يتجاوزون المليون حسب تقارير الشؤون الاجتماعية وفيهم لا شك متقاعدين في الأنظمة الثلاثة وبرواتب متدنية وشمولهم بالتوصية سواء كانوا متقاعدي نظام معاشات التقاعد او التأمينات الاجتماعية سيعزز القوة الشرائية لرواتبهم وكذلك الإعانات المصروفة لهم من وزارة الشؤون الاجتماعية، وولاة الأمر لا ينشدون مطلقاً أن تكون الطبقية واضحة في المجتمع، ولا يهدفون لكثرة المحتاجين من المواطنين ممن لهم دور ولو قليل في بناء كيان هذه الدولة وماضيها وحاضرها وحتى في مستقبلها وازدهارها.
- فهد بن أحمد الصالح