اليمن.. الحوثيون يقتلون الأبرياء مرتين! ">
الجزيرة - خاص:
لم تجد مليشيات الحوثي وصالح أي وسيلة لتأليب الرأي العام المحلي والدولي ضد قوات التحالف العربية التي تقاتل في صفوف الشرعية اليمنية، سوى باستهداف تجمعات المدنيين بقذائف وصواريخ أرضية، وتحميل المسؤولية مقاتلات قوات التحالف العربي التي تستهدف بشكل واضح، مواقع عسكرية تابعة للجماعة المتمردة على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي.
وعمدت جماعة الحوثي وقوات صالح منذ بداية الحرب عليها أواخر مارس الفائت، إلى استهداف تجمعات المدنيين واستهداف أكبر قدر ممكن من الضحايا الأطفال والنساء، وإلقاء اللائمة بعد ذلك على قوات التحالف، مستفيدين من جبهة إعلامية يقودها عدد من نشطائهم في الداخل والخارج والذين يعملون بالتنسيق والتعاون مع منظمات دولية تديرها شخصيات مقربة من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني طبقًا لمعلومات خاصة.
وتفيد معلومات خاصة بـ«الجزيرة» أن جماعة الحوثي وصالح اعتمدت مبالغ مالية كبيرة لتشكيل جبهة إعلامية يديرها عدد من نشطائهم في الخارج، ومهمة هذه الجبهة إيصال معلومات مضللة للرأي العام العالمي تتمحور حول أن مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية هي من تستهدف المدنيين وخصوصًا تلك التي يروج لها الإعلام العربي والدولي المعتدل على أنها ضربات خاطئة للتحالف.
وقال ناشط يمني مقيم في بيروت - رفض ذكر اسمه- لـ«الجزيرة» إن هذه الجبهة يقودها ابن شقيق الرئيس السابق صالح، يحيي صالح، الذي يعمل مع دائرة من نشطاء حزب الله ومهمتها تضليل الرأي العام العالمي وإيصال فكرة للآخرين أن من يستهدف المدنيين في اليمن هو طيران قوات التحالف، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد يجعل بعض المنظمات الدولية المؤثرة على دائرة القرار الأممي، الضغط على إيقاف الضربات ضد جماعة صالح والحوثي فضلاً عن محاولة إعداد ملفات بما يسمونها «جرائم حرب» ضد القوات العربية التي تقاتل لاستعادة الشرعية في اليمن وجاء تدخلها الشرعي طبقًا للأنظمة والقوانين الأمنية والدفاعية التي تلتزم بها الجامعة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي.
ومنذ أشهر، تستهدف قوات صالح والحوثي من وقت لآخر، تجمعات لمدنيين في مختلف المحافظات اليمنية. وسقط المئات بين قتلى وجرحى في عشرات الهجمات التي تنفذها قوات المتمردين على مخيمات لنازجين وعلى مبانٍ سكنية ومنشآت حيوية في عدن والحديدة وتعز وحجة وذمار.
ومثل استهداف تجمعات أعراس أحدهما في المخا قبل حوالي شهر، والآخر بمنطقة سنبان بذمار قبل حوالي أسبوعين، أسوأ أنواع الجرائم التي ارتكبتها جماعة الحوثي وقوات صالح، حيث خلفت تلك الجرائم حوالي مائتي قتيل وجريح، وأثارت جدلاً كبيرًا في الأوساط الحقوقية اليمنية والعربية عندما حاولت قوات المتمردين وجبهاتهم الإعلامية الترويج على أنها من أفعال طائرات التحالف فيما أكَّدت مصادر قبلية وعسكرية على أنها من أفعال المتمردين الحوثيين.
واتهمت مصادر قبلية ميليشيات الحوثيين واتباع المخلوع، بارتكاب مجزرة في محافظة ذمار في الـ7 من أكتوبر الحالي، بقصف حفلة زفاف، أسفر عن وفاة 28 شخصًا، وإصابة أكثر من 20 مواطنًا، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وتخضع المنطقة المقصوفة لسيطرة معارضي الرئيس المُعترف به دوليًا عبدربه منصور هادي. وطبقًا لمصادر قبلية فإن قصف الزفاف من الحوثيين كان «متعمدًا»، لافتة إلى أنه تزامن مع قيام طائرة من «التحالف العربي»، الذي تقوده السعودية بقصف مواقع عسكرية قريبة.
ورجحت المصادر أن يكون القصف، الذي استهدف قرية سنبان بمديرية ميفعة عنس (100 كيلومتر جنوب شرق العاصمة صنعاء)؛ لتأليب اليمنيين على «التحالف العربي»، واتهامه بارتكاب المجزرة، لافتة إلى أن هذه الحادثة هي الثانية من نوعها؛ إِذ أسفر قصف حفلة زفاف في المخا، الذي وقع قبل زهاء شهر عن مقتل أكثر من 130 شخصًا. نُقل المصابون إلى مستشفيات ذمار، ومدينة رداع في محافظة البيضاء المجاورة لمديرية ميفعة عنس. وغالبية الضحايا الذين تم نقلهم إلى مستشفى ذمار العام من القاطنين بالقرب من المنزل الذي تم استهدافه.
وذكرت مصادر محلية في ذمار أن «الميليشيات استهدفت مخيم العرس بعد قيام طيران «التحالف العربي»، بقصف معسكر تدريب تابع للحوثيين في ضواحي العاصمة صنعاء. فما كان منهم إلا أن قصفوا خيمة العرس؛ من أجل تحريض الناس على قوات التحالف، بأنها تستهدف المدنيين».
وطبقًا لمراقبين يمنيين فإن «رصيد عدوان الميليشيات الانقلابية الخارجة عن القانون، حافل وقد وزعوه دمًا وموتًا على كل محافظات البلاد»، مشيرين إلى أن قيامهم بجرائم الإبادة تلك تأتي بعد تلقيهم هزائم كبيرة في غالبية الجبهات في مناطق الصراع، إِذ يلجأ «الحوثيون» إلى نشر الإشاعات وتحميل «التحالف العربي»، مسؤولية استهداف أماكن سكنية تابعة للمواطنين، وتضليل الرأي العام بمثل هذه الاتهامات».
ويؤكد الناشط في صفوف المقاومة الشعبية في تعز فهمي محمد لـ»الجزيرة» أن هناك دلائل كثيرة تدل على أن استهداف المواقع المدنية في المخا، هي من فعائل الحوثيين الشنيعة. منوهًا بأن تحليلات كثير من العسكريين رجحت أن تكون قذائف الحوثيين وصالح هي من خلفت آثار استهداف المبنى السكني قبل أشهر، فضلاً عن استهداف منزل كان فيه تجمعًا لأحد الأعراس.
وقال محمد وهو من أبناء منطقة الوازعية القريبة من المخا، أن الصور تظهر استهداف جانب من المنازل وهي تعكس على أن القصف تم بقذائف وصواريخ أرضية، مبينًا أن المتمردين عادة ما يستغلون سماع صوت الطائرات التي تستهدف تحركاتهم ومواقعهم العسكرية ويقومون بقصف تجمعات مدنية كي يجدوا من يصدقهم عندما يقولون إن غارات عربية أخطأت طريقها وخلفت قتلى وجرحى مدنيين.
وكان المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي المتحدث باسم قوات «التحالف العربي» العميد أحمد عسيري، وجود عمليات جوية لقوات التحالف في محافظة ذمار، حيث وقعت الحادثة التي شهدت مقتل يمنيين في حفلة زفاف. وقال في تصريحات صحافية سابقة: «إن كثيرًا من التفجيرات تقع من دون مسؤولية التحالف عنها»، لافتًا إلى تخزين «الحوثيين» أسلحتهم في مواقع مدنية.
وأضاف عسيري: «ليس كل انفجار يقع في اليمن ناجم عن غارة جوية. فهناك صواريخ وسيارات مفخخة ومخازن أسلحة»، مضيفًا: «خزّن الحوثيون غالبية أسلحتهم ومخازنهم في مناطق مدنية، وأي تلاعب فيها قد يؤدي إلى حوادث».
ويعتقد نشطاء يمنيون أن الحوثيين يستهدفون الأعراس والتجمعات السكنية عند سماعهم طائرات؛ لتأجيج الناس ضد «التحالف العربي» وخلق حال غضب وتكريس رغبة الانتقام لدى اليمنيين ضد أشقائهم الخليجيين والعرب».
يقول الناشط المدني عارف غالب لـ«الجزيرة»: يملك الحوثيون جهازًا لنشر الإشاعات وتغيير مجرى الحقائق أكثر من غيرهم. لذلك تجدهم يحوِّلون كثيرًا من الجرائم التي عليها أكثر من علامة استفهام حول من يقف وراءها، إلى قضية رأي عام ضد خصومهم، من خلال اتهام «التحالف العربي» أو المقاومة الشعبية بها. معتبرًا حادثتي قصف عرس في المخا، وأخرى في ذمار أنها تحمل شواهد كثيرة من هذا النوع.
وعلى رغم عدم وجود دلائل وقرائن كافية على أن التحالف أخطأ في استهداف هذه الأماكن، لكن «الحوثيين» استطاعوا من خلال الضخ الإعلامي الكبير الذين يقودونه من داخل اليمن ومن خارجها بمساندة حلفائهم الإيرانيين، أن يقنعوا البعض أن التحالف يقف وراءها فعلاً، ما دفع البعض للقول إن الحوثيين يستهدفون الأبرياء مرتين، مرة حين يوزعون عليهم الموت، وأخرى حين يكذبون.