د.خالد بن صالح المنيف
من أسوأ القرارات التي اتخذتها في أحد الأيام: هو سؤالي لأحد الأشخاص السؤال التقليدي: كيف الحال؟
وللأسف لم يكن السؤال المناسب! فقد صابني من الإجابة الكثير من العنت!
فقد كان الشخص المسؤول رجلا قد ضربت السلبية أطنابها في عقله وباتت روحه مركضا للبلادة والجمود ! مترهل أروح ، مسترخي فكر!
فبدأ إجابته على كيف الحال بالعمل.. وكيف أن أوضاعه بالغة الصعوبة ؛ فالمدير يحابي غيره ويضغط عليه في الدوام وأن الأعباء كبيرة والمقابل المادي ضعيف، وكيف أن زملاء العمل لا يحترمونه ولا يقدرونه!
وما إن انتهى من العمل حتى عرج على الأسرة وكيف أنه يعاني من خلافات مستمرة مع زوجته والتي تهمله ولا تقوم بواجباته وكيف أنه ندم على تلك الزيجة، ناهيك عن شقاوة الصغار وتأخرهم الدراسي!
وبعد ذلك قلت لعله انتهي بعد هذا الضخ الهائل من الشكاية! ولكن الظن خاب فقد مال على الصحة... وكيف أنه عليل ما أن يشفى من مرض حتى يبتلى بآخر، وأن الأوصاب تحيط به من كل جانب! وبدأ صبري يفيض فقد أحسست بوهن شديد بدد شيئا من طاقاتي الإيجابية بعد سماع تلك التفاصيل الموجعة! وعندما ألمحت له بأني أريد الانصراف أعطاني نصيحة أخيرة تفتت الصخر وتجفف النهر حيث قال: وعموما الدنيا هذه لا خير فيها وأن البشر شر ومكر! ومعها بلغ بعدها الأمر مني المخنق فغادرت دون وداع وقلت لا أعاده الله سؤالا! ما الذي جعلني أسأل عن حاله!
وسوف تعلو دهشتك ويعظم استغرابك إذا ما عرفت أن هذا الشخص من أفضل البشر وضعا وأيسرهم حالا فعمله كان مريحا وراتبه مرتفعا ووضعه الأسري بحسب ما أميل له ليس فيه تلك الطوام التي تحدث عنها وصحته أيضا في الجملة مستقرة، وللأسف أن هولاء أصحاب الشكاية والنواح والتوجع سيلبون من الحياة اروع معانيها ويشوهون جمالها !
أعمارٌ تضيع في تقمُّص مشين لدور الشهيد الحي ، ومآل هذا: فشل ذريع، وعلاقات سيئة، ونفسية مرتبكة مهزوزة.
يقول جوفيتالي: إن اللوم وتقديم العذر أمورسهلة ،تعفيك من المسؤولية، ولكن حياتك مسؤوليتك وحدك وأن كل ما تلاحظه وتشعر به يتم عن طريق عقلك!
عطلوا قدرتهم وضيعوا أوقاتهم وأمرضوا أنفسهم بأنفسهم ، وزادوا على هذا أنهم فقدوا الاستمتاع بكل ما وهبهم الله من منح وأشاعوا ثقافة السلبية في بيوتهم وفي وظائفهم ، لا ابتسامة ظاهرة، ولا فرح باد، ولا سرور يعمر القلب حتى في جميل المواقف!
وما أروع ان يكون الانسان شاكرا حامدا وثمنا للنعم ولن أنسى إحدى قريباتي والتي يجري على لسانها الشكر والحمد والتقدير حتى في أصعب الظروف وأحلك المواقف فانعكس هذا على صحتها النفسية وروحها المعنوية !
حياتنا منحة عظيمة من العزيز الواهب مهما صاحبها من ألم وشيء من الهم ، ومهما يكن فاجعل من الشكر والحمد والامتنان أسلوب حياة وستحصد سرورا وصحة وتفوقا وحب الآخرين!
أما من بضاعته التذمر فلن يحصد إلا الهم والبؤس ومزيدا من الشقاء والدموع!
وتأكد أن عقلك هو الذي يجعلك سليمًا أو مريضًا أو تعيسًا أو سعيدًا أو غنيًّا أو فقيرًا، فتعلم السيطرة على عقلك من خلال أفكارك، وما جانب أحد الحكماء الحقيقة عندما قال: الإنسان هو الذي يمنح نفسه الحزن والسرور والهم والفرح، فإن أراد فسيصنع منها نفسًا ضاحكة مستبشرة، وإن أراد فسيجعلها كاسدة مظلمة.
امتن وقدر النعم مهما صغرت وسوف ترى الدنيا أجمل وستدعو البهجة للسكن في قلبك وستنال سلاما وسكينة في النفس جرب أن تستمتع بكل التفاصيل فالسعيد في هذه الحياة ليس من يمتلك أفضل الأشياء بل هم من يقدر ما يملك!
ومضة قلم
ابحث عن شيء يرسم البسمة على شفتيك في كل يوم، وسوف يكون غدك أفضل من يومك