التطرف لا دين له.. والانحراف والحوار والنقاش بين الأجيال صمام الأمان الأول ">
تحت عنوان (أبناؤنا إلى أين) ناقش عدد من المتخصصين في مجال الأمن وعلم النفس والمجتمع ، إلى جانب عدد من الشخصيات الأكاديمية والمجتمعية من رواد «اثنينية» رجل الأعمال الأستاذ حمود الذييب ، ظاهرة استهداف الأطفال وتجنيدهم من قبل داعش ، بهدف الوقوف على الأسباب المؤدية والحلول المقترحة وطرق وقاية الأجيال الجديدة من الانحدار وراء هذا الفكر المتطرف.
في البداية أكد الحاضرون على أن هذه الأفكار بعيدة كل البعد عن قيم الإسلام القويم وتعاليمه السمحة، مشيرين إلى أن ما يسمى بتنظيم داعش لا يمت إلى الإسلام بصلة بالرغم من ما يطلقه من شعارات واستشهادات بآيات الكتاب وأحاديث السنة النبوية المطهرة ، والتي يتم تفسيرها بشكل خاطئ ليقتنع بها حديثي السن ومن ليس لديهم ثقافة أو معرفة بالدين الإسلامي القويم.
أدار اللقاء الإعلامي المتميز مناحي الحصان، والذي أثرى الللقاء بمواد فلمية توضح كيفية تعامل داعش مع الأطفال وطرق الدخول لعقولهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وحتى ألعاب الفيديو المنتشرة في أوساط الشباب.
محددات الشخصية
واستهل مناحي الحصان الحوار بطرحه سؤالا عن الأسباب التي تجعل من الشاب مجرماً أو إرهابياً، وأردفه بسؤال عن الصفات التي تجعل من الشخص سهل الاختراق بالتغرير به ومن ثم تجنيده لصالح تلك التنظيم الفاسد على أيدي كوادر من داعش يحومون حولهم لتنفيذ مخططاتهم؟
ويرى الدكتور إبراهيم الصالح، أستاذ علم النفس في المعهد العالي للقضاء بالرياض، أن هناك محددات للشخصية يمكن من خلالها التنبوء بأن هذا الشخص لديه ميول انحرافية ومن ثم يصبح من السهل الوصول لعقله وغسله لتنفيذ المخططات الإرهابية أو حتى القيام بجريمة عادية، مبينا أن صفات تلك العقلية تتمثل في أنها ذات ميول إجرامية ، خاصة عندما تجده ذا عقلية متحجرة ومنغلقا على نفسه كارها لمجتمعه، ولذلك هذه الشخصية يسهل تجنديها والتغرير بها لتنفيذ أسواء مخطاطتهم، وتابع الصالح قائلا :» أما العقليات السوية فلا يمكن تجنيدها، مهما كانت المحاولات لأنها تحتكم إلى فطرة نفسية صحيحة سليمة معافاه من أي عقد نفسية «.
صفات المنحرف
ويتفق العقيد خالد النويصر، بالأمن العام، مع رأي الدكتور الصالح ، مشيرا إلى أن هناك صفات مشتركة نجدها في المنحرفين ذهنياً وهي النقمة على المجتمع وعدم الاتفاق مع آراء المشايخ ونصائحهم، بل وحتى البعد عن كل ناصح لهم من آباء وأمهات وأساتذة.
وفي مداخلة للأستاذ حمود الذييب، أكد أن هذه الآراء تفسر ظاهرة الإرهاب في كل أنحاء العالم، حيث يتضح أنها لا علاقة لها بدين أو جنسية معينة، لأن الانحراف والأفكار المتطرفة يمكن أن تتكون لدى أي شخص مهما اختلفت انتماءاته.
وشدد الدكتور إبراهيم ناصر الحمود، الأستاذ المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، على هذا الرأي ، مشيرا إلى أنه يرى أن الإرهاب لا دين ولا دولة له ، حيث يرى العالم كل يوم أحداثاً إرهابية ليس لها علاقة بدين أو فكر معين. ويقول ناصحاً: «لابد من أن ندرك اختلاف العصر الذي نعيش فيه الآن فكل عصر وله متطلباته وسياساته وأفكاره، لكن تمسكنا بتعاليم الدين القويم وتوصيلها للأجيال الجديدة بالطريقة التي تناسب عصرهم هو الحل في مواجهة مثل هذه الظواهر ـ وتابع الحمود قائلا :» الرقابة لا تعني الانغلاق والبعد ولكن يجب أن يتسم الحوار مع الأجيال الجديدة بالحرية والانفتاح حتى لا تكون هناك هوة بين الأجيال تسمح بتمرير مثل هذه الأفكار لأذهانهم ومن ثم تجنيدهم «.
داعش و البلاي ستيشن
في مناقشة للوسائل التي يستخدمها تنظيم داعش لتجنيد الأطفال، اطلع الحضور على تقرير مصور يوضح كيف يتم الوصول إلى عقول الأطفال من خلال الألعاب الإلكترونية وألعاب البلاي ستيشن والتي يتم إعادة تصميمها وإدخال بعض العبارات والشعارات التي يروجها التنظيم من خلال الأناشيد والعبارات سهلة الحفظ. بل والأكثر من ذلك حيث اكتشف الباحثون أن هناك ألعاب تصمم على غرار ألعاب دموية، يطلب من اللاعب فيها قتل بعض الأشخاص لتنفيذ مهمة ما أو اجتياز مرحلة معينة. ومن ثم يتم مخاطبة الأطفال من خلال هذه اللعبة بعبارات مثل «إذا كنت تحب قتل مثل هؤلاء الأشخاص فنحن نتيح لك الفرصة على أرض الواقع».
وفي المقابل طالب الحضور بضرورة الحد من تداول مثل هذه الألعاب والتي وإن لم تكن لها علاقة بالفكر الداعشي فإنها تثير في الأطفال غرائز الانتقام والقتل والدمار، وبالتالي يصبح من السهل انخراطه في مثل هذه الأعمال أو على الأقل التأييد لها.
التربية والحوار
ويرى الباحث التربوي الأستاذ سلطان، أن المشكلة تكمن في التربية وتأثير العلاقة بين الأجيال الجديدة وآبائهم وذويهم. إذ أن المسؤولية الملقاه على عاتقهم مهمة ومحورية، مبينا إن الآباء والأمهات في المنزل، صمام الأمان الأول والأهم، لذلك يجب ضرورة أن يقوموا بحوار دائم مع أبنائهم ومراقبة سلوكياتهم وتصرفاتهم.
وبشكل عام فإن مهمة الحوار تكمن في أن إمكانية اكتشاف الأفكار المتطرفة في أذهان الأبناء ومن ثم العمل على تغييرها واستبدالها بأفكار سليمة وبناءة.
أما الأستاذ سلطان، فيقول : «بشكل مباشر، اسأل ابنك عن رأيه في داعش وفي الأفكار المتطرفة، فإن إجاباته ستبين لك ما إذا كان متأثراً بها أم لا، ومن ثم يسهل العلاج في وقت مبكر، بدلاً من أن نفاجأ بارتكابه لجريمة من هذه الجرائم البشعة التي تطال البعيد وحتى القريب من أبناء الأسرة الواحدة».
واستنكر الحاضرون الجرائم التي وقعت مؤخراً مثل مقتل أحد الجنود على يد ابن عمه في منطقة حائل، معلقين على أن مثل هذه الأحداث تبين مدى بعد الآباء عن أبنائهم وضعف التواصل بينهم ، مما أتاح لمثل هذه الأفكار التغلب على قيم القرابة والترابط الأسري في عقلية القاتل».