سلطان بن محمد المالك
لا يقتصر التسويق بمهامه ووظائفه العديدة فقط على تسويق المنتجات والخدمات للمستهلك، بل هو أعم وأشمل من ذلك كثيراً؛ فقد أصبح التسويق مهمة أساسية في كثير من الدول لتسويق ذاتها وإمكاناتها لدول أخرى.
ويُعزى سبب ذلك إلى أن الأسواق في تلك الدول قد تكون صغيرة أو متشبعة؛ وبالتالي فالبحث عن أسواق خارجية أمر مهم للغاية للاستمرارية والنجاح.
التجربة السنغافورية تُعدُّ أحد الأمثلة الرائعة والناجحة؛ فدولة مثل سنغافورة مساحتها صغيرة، وعدد سكانها كذلك، بينما المقدرات والإمكانات لديها كبيرة، وخصوصاً في بعض المجالات الحيوية، مثل الاتصالات وتقنية المعلومات، والطاقة، والتعليم، والصحة.. وهذا ما دفع بالدولة إلى أن تفتح لها مكاتب رسمية في عدد من الدول بغرض تسويق خدماتها وإمكاناتها للدول الأخرى.
دولة أخرى بدأت تأخذ المنحى نفسه، هي بنقلاديش. والفرق أن مساحتها كبيرة، وسكانها يتجاوزون 180 مليون نسمة، ولكن يبرز لديها إمكانات وقدرات بتكلفة منخفضة؛ تغري الدول الأخرى.
الأسبوع الماضي حضرتُ محاضرة، قدمها وزير الاتصالات والبريد في بنقلاديش، في إطار زيارته للمملكة، وأوضح أن غرض الزيارة هو تسويق خدمات وإمكانات بنقلاديش إلى السعودية، وركز على الإمكانات الفنية والتقنية والبشرية لدى الدولة، والاستثمارات التي يمكن أن تتم مع بنقلاديش، ومن أبرزها صناعة تقنية المعلومات والبرمجيات والتطبيقات وأمن المعلومات، وذكر أن لديهم واحات للتقنية مجهزة بأحدث التقنيات والمواصفات، ولديهم كفاءات وطنية مدربة؛ إذ تلقت تعليمها بشكل مكثف ومركز في هذه المجالات، وذكر أنهم الآن أصبحوا مقراً للعديد من كبريات الشركات العالمية في تقنية المعلومات؛ إذ وجدوا الجودة والكفاءة والتكلفة التي تقل عن الدول المجاورة لهم بـ 50 %.
جميل جداً أن تهتم الدول بتسويق نفسها، والبحث عن أسواق خارجية لها، مستغلة كل الإمكانات والطاقات المتاحة لديها.