محمد عبد الرزاق القشعمي
تذكرتُ وأنا أقرأ ما نشرته بعض الصحف يوم السبت 5-12-1436هـ عن تخصيص وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مساجد عيد الأضحى لهذا العام من المساجد والمصليات المكشوفة بقولها: إنه قد خصص 23 مصلى من المصليات المكشوفة و666 جامعاً من الجوامع الكبيرة بمدينة الرياض لإقامة صلاة عيد الأضحى المبارك... إلخ.
لقد طافت بي الذكريات وأنا أقرأ الخبر وأتذكر ما كانت عليه الرياض قبل ستين عاماً، وبالتحديد عام 1372 - 1373هـ، عندما انتهى بناء المسجد الجامع (تركي بن عبدالله) بالصفاة، وتم تركيب (المايكروفون) مكبراً للصوت لأول مرة.. رغم معارضة البعض لهذا الجهاز الجديد رغم وجوده من قبل في المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة.
أذكر أن المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم قد وقف منبهاً المصلين بعد نهاية صلاة الجمعة في مسجده بحي دخنه قائلاً: إن صلاة الجمعة القادمة ستكون في المسجد الجامع الجديد.. ولن تقام صلاة للجمعة في مسجد آخر بالرياض في غيره؛ فليتجه الجميع في الجمعة التالية إلى المسجد المشار إليه. وتقاطر الناس من مختلف أحياء الرياض وأطرافه، وامتلأ المسجد بهم، واضطر من تأخر منهم إلى الصلاة في الساحات المحيطة به وفي مكان (حراج ابن قاسم) الذي كان يحتل الجهة الشرقية والشمالية خارج المسجد.
وعندما علم الشيخ محمد بذلك أمر بأن تقام صلاة الجمعة فيما بعد بمسجدين، هما: الجامع الكبير في الصفاة والمسجد الذي كان يصلي به فضيلته قبل ذلك بحي دخنة؛ فأصبح هو يخطب ويؤم المصلين في الجامع الكبير، ويتولى شقيقه الشيخ عبدالله بن إبراهيم الخطبة وإمامة المصلين في مسجد دخنة. وفي حالة سفر المفتي إلى خارج الرياض أيام الجمع يتولى أخوه الشيخ عبدالله الخطبة والصلاة في الجامع الكبير، ويتولى والدي الخطبة والإمامة في مسجد دخنة. وكنت أحضر كتاب خطب الجمعة المعتادة وقتها من منزل الشيخ محمد بن إبراهيم أو شقيقه عبدالله لأقرأ على الوالد إحداها، التي يختارها للمناسبة، وكان الثلاثة من فاقدي البصر - رحم الله الجميع - فقارنت بيني وبين نفسي الرياض في ذلك الوقت والآن.. وكيف اتسعت وأصبحت تقام صلاة العيد بنحو 700 مسجد وساحة.
أما صلاتا العيدين وصلاة الاستسقاء فتقام في ساحة محاطة بسور قصير بجوار البرقية بين شارعي القري والوزير شمال حي جبرة وشرق حي دخنة، ولسنوات طويلة؛ إذ هو المصلى الوحيد بالرياض، وقد اختير لقربه لحيي العبيد والقصمان. أما أحياء الرياض داخل السور فمتقاربة.
وقد ذكرت ذلك للأستاذ عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله - فقال إنه عند قدومه للرياض حدود عام 1344هـ، وكانت الرياض داخل سور، قد تراهن مع أحدهم على الالتفاف على الرياض من خارج السور، على أن ينهي ذلك بين الأذان والإقامة.. وفعلاً كسب الرهان؛ إذ وقف من تحداه عند البوابة، واتجه الجهيمان من اليمين وعاد من اليسار قبل أن تقام الصلاة.