عبدالله بن سعد العمري ">
ومع حلول عيد الأضحى المبارك على الجميع، يكون ولا بد أن نستعرض مجمل الأحداث الراهنة في سياق التحليل والنتائج، وهي أقرب ما تكون إلى حقائقَ قد لا ينتبه لدِقِّهَا إلا من يخشى مما يمكن أن تؤول إليه بعض هذه الأحداث.
ولعل أهم ما يأتي في ترتيب أحداثنا اليوم هو نجاح حج هذا العام. ورغم بعض الظروف التي قد أودت بحياة المئات، فقد جاءت واقعة تدافع مِنَى لتعكس رؤية العالم لشعيرة الحج، فالطرف الإيراني يرى الحج قضية سياسية بحتة، وهو الأمر الذي خالفها فيه كل أبناء العالم الإسلامي، حيث قَدَّموا على الفور للمضيف السعودي واجب العزاء والمواساة بدلا من المتاجرة بدماء الضحايا.
ويأتي فيديو قتل الداعشي الغادر لابن عمه في حائل الشمال مع أهم سياقات الأشهر الحرم التي تم انتهاكها، ليهتز الرأي العام السعودي في أول أيام عيد الأضحى. كما أن هذا السياق يأتي ليناسب تطلعات الأعداء المُذْهِلين حقا بحجم حقدهم وإيغالهم في المحاولة لانتهاك حرمة هذا الوطن البريء، إلا أن أصداء هذا المشهد المؤسف كانت حتمية برفض وشجب كل أطياف الشعب السعودي لمثل هذه الانتهاكات الصارخة للعقل والدين والعرف.
كما أن سماء سوريا الشقيقة التي أصبح الروسي يجوب سماءها، والحيلولة دون أن يتم تطبيق قرار جنيف 1 الشامل لمرحلة انتقالية عاجلة دون الأسد، هو أمر مخجل لكل العالم العربي الذي يعيش هو أيضا جملة أحداث دامية. وإن سوريا اليوم، وبظروفها المعقدة؛ قد يعزز إهمال ملفها من فكرة السيطرة على بلدان مجاورة.
إن تصحيح الوضع اليمني في المقابل آخذ في التقدم نحو الأمام، ولعله هو الأمر الوحيد الذي تتضح نتائجه الإيجابية للمواطن اليمني الذي لم يألُ جهدا في نشود الحياة الكريمة منذ خمسينيات القرن الماضي، كما أن عودة الرئيس اليمني الشرعي لعدن قد مثلت بوادر نجاح عملية إعادة الأمل، ودعما لقوات التحالف وتأكيدا لنجاحهم.
على صعيد آخر، لا ننسى أيضا أن أساليب الطرف الإيراني الآثمة في إفراغ وتهجير سنة العراق، وما يجدوه من قتل وتشريد وتصفية وطائفية، وما يمثل إعادة تكوين ديموغرافي للمناطق، وخلق مكون مخالف للنسيج المعهود داخل الجيش الوطني العراقي، هو بحق لن يجدي نفعا للحكومة العراقية، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تأجيج الطائفية، وترسيخ فكرة دعم اللجوء للفصائل المتطرفة من قبل العشائر المضطهدة.
وأخيرا، فقد جاءت زيارة الملك سلمان للولايات المتحدة في ظروف مهمة قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وحملت معها رسائل لا تقل أهمية في الجانب السياسي، خصوصا مع ظهور مرشحين جدد للرئاسة الأمريكية قد تختلف نواياهم تجاه قضايا الشرق الأوسط، إلا أن فتح باب الشراكة التجارية مع الولايات المتحدة يعزز من حاجة الولايات المتحدة للشريك السعودي في مستقبل السنين، حيث يفترض بعشرات المليارات من الدولارات أن تكون حجما للتبادل التجاري السعودي الأمريكي بعد القرار.
إن المملكة العربية السعودية تمتلك ثقلا سياسيا كبيرا لا يقل بوصفه عظما عن الثقل الاقتصادي، فعموم المسلمين يتجهون لها خمس مرات في اليوم والليلة، ولن يكون بمقدور الأعداء كسر هذا الكبرياء المستمد عظمته من توفيق الله ونصره وستره.