الرسول القائد ">
فن التحفيز
يصف الواقدي تحركات الرسول - صلى الله عليه وسلم- بجيشه نحو حُنين حيث ينقل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «ألا فارس يحرسنا الليلة؟» إِذ أقبل أنيس بن أبي مرثد الغنوي على فرسه فقال: أنا ذا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «انطلق حتى تقف على جبل كذا وكذا فلا تنزلن إلا مصليًا أو قاضي حاجة، ولا تغرن من خلفك».
قال: فبتنا حتى أضاء الفجر وحضرنا الصلاة فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: « أأحسستم فارسكم الليلة؟».
قلنا لا والله، فأقيمت الصلاة فصلى بنا، فلما سلّم رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينظر خلال الشجر، فقال: «أبشروا جاء فارسكم « وعندئذ جاء (أي الفارس) وقال:
يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصليًا أو قاضي حاجة حتى أصبحت، فلم أحس أحدًا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انطلق فانزل عن فرسك وأقبل علينا، فقال: ما عليه أن يعمل بعد هذا عملاً».
كان من منهج النبي - صلى الله عليه وسلم- في الأداء أنه كان دائمًا ما يعمد إلى التخيير وبث روح المنافسة بين فريق عمله.. «ألا فارس يحرسنا الليلة؟».
كما أنه استقبل حديث «أنيس « وهو يتحدث عن دوره وإجادته في تنفيذه بنفس طيبة « قال: يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصليًا أو قاضي حاجـة حتى أصبحت فلم أحس أحدًا «.
فلم يتهمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعرض موقفه بنقص في إخلاصه لا سيما وأنه يدلي بهذا الحديث أمام جمع من صحابته - رضوان الله عليهم -، ثم يبادر النبي بتشجيعه وتحفيزه: «ما عليه أن يعمل بعد هذا عملا».
وفي هذا الثناء والتشجيع والإشادة بالموقف.. ما يدعو كل مشرف أو مدير إلى استنفاذ طاقة فريقه وتفانيهم في العمل، كما أن الرسول أتقن فن التحفيز والتشجيع من خلال الأوصاف المتميزة على صحابته، فأبو بكر الصديق وعمر الفاروق - رضي الله عنهما- كما ذكر محمد أحمد عبد الجواد في كتابه «أسرار التَّميز الإداري والمهـاري في حياة الرسول».
- إسلام عبدالله