حضارتنا أدرى وأقدر في تنمية وتعديل السلوك الاجتماعي ">
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشير إلى ما نُشر في جريدة الجزيرة في اليوم الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة لهذا العام (1436هـ) في الصفحة السابعة بعنوان (التنمية وتعديل السلوك الاجتماعي) للأخت الكاتبة فاطمة العتيبي، التي ذكرت أنه يمكن بالاستعانة بالرؤى المستمدة من العلوم السلوكية والاجتماعية الحديثة أن تُخلق أنواع جديدة من الإجراءات التداخلية التي يمكن أن تكون رخيصة. وتكتب وتقول هكذا (قال جيم يونغ كيم) رئيس مجموعة البنك الدولي. وتقول إنها وجدت متعة كبيرة وهي تقرأ التقرير الذي أعده (جيم وفريق معه). والتقرير مليء بتجارب الدول التي لديها تحديات في التنمية بسبب ثالوث الدمار (المرض, الجهل والفقر).. إلخ.
وأقول تعليقاً على ذلك في عزيزتي الجزيرة إن حضارتنا الإسلامية والعربية قد سبقت رئيس مجموعة البنك الدولي (جيم يونغ كيم) بمئات السنين. وهناك قبله مؤسس علم الاجتماع العربي (ابن خلدون)؛ إذ ذكر في مقدمته أن الإنسان مدني واجتماعي بطبعه، من رسم لنا دراسة الظواهر الاجتماعية وكيف نسخرها في علاج المشاكل الاجتماعية وتعديل السلوك الاجتماعي. بعد الدراسة ومن ثم التشخيص والعلاج مستعينين بالعلوم الاجتماعية الأخرى، كالخدمة الاجتماعية وعلم النفس وعلم النفس السلوكي والاجتماعي وعلم الإجرام.. كل هذه كما درسناها تسخر وتطور العلاج (الجهل والفقر والمرض)؛ لأن هذه العلوم مجتمعة تعالج هذا (الثالوث)، كذلك تبع هذه الأفكار من (مقدمة ابن خلدون المفكر الجزائري) (مالك بن نبي) الذي تحدث وكتب عن بعض الأفكار الإسلامية بشأن المجتمع وعلاج مشاكله متطرقاً إلى جوانب عدة تخص أفراد المجتمع. ومن خلال دراستي وتخصصي في هذه العلوم، وخبرتي المهنية والميدانية التي امتدت لأكثر من (30) سنة، فإن تنمية وتعديل السلوك الاجتماعي لا يمكن علاجه بأفكار مستوردة من الغرب؛ لأن تركيبة مجتمعنا تختلف من الناحية الدينية والاجتماعية والثقافية والعادات والتقاليد، وبعض الموروثات لا تغيرها الأفكار المستوردة. وأنا هنا لست ضد كل ما يرفع من شأن المجتمع وعلوه من تقنية في المعلومات التي تفيد المجتمع، وتساعد في تنميته، سواء اجتماعية أو صناعية أو طبية أو تجارية أو أمنية.. إلخ، لكن تنمية المجتمع وتعديل سلوك أفراد المجتمع من بعض السلبيات وبعض الأفكار التي تحول دون تنميته لا بد من علاجها عن طريق أفراد المجتمع؛ لأن التنمية تتجه منه وإليه؛ فلا بد من دراسة شؤون أفراد المجتمع وما يعانيه من صعوبات ومشاكل، سواء كانت اجتماعية أو سلوكية أو تعليمية أو صحية.. إلخ.
فبعد هذه الدراسة من قِبل المختصين في هذه المجالات - وهم كثر - من جميع الجوانب سوف يضعون التشخيص والعلاج لهذا الثالوث (المرض - الجهل - الفقر)؛ لأنها سلسلة مرتبطة، وعلاج أحدها أو جميعها سوف يشمل هذا الثالوث. والحمد لله لدينا من العلماء ومن المختصين في العلوم الاجتماعية والطبية والتعليمية الكثير، والدليل على ذلك ما تزخر به جامعاتنا من هذه الكفاءات. والله من وراء القصد.
- مندل عبدالله القباع