فاطمة العتيبي
اهتمت الصحف في أمريكا وبريطانيا بحادثة استشهاد 779 حاجاً في منى وإصابة 800 على الأقل واستعرضت هذه الصحف حوادث مشابهة في كثير من دول العالم في التجمعات الدينية أو الرياضية والتي يكون الزحام سبباً فيها.
طرحت النيوزويك سؤالاً مفاده: ما الذي سبّب هذه الكارثة الأكبر في تاريخ موسم الحج منذ 25 عامًا؟..
البروفيسور ج. كيث، أستاذ علم تحليل حوادث الازدحام بجامعة مانشستر والذي عمل سابقاً مع السلطات السعودية على تصميم جسر الجمرات المؤدّي إلى الجمرات الثلاث، يقول إنه على الرغم من غيابه عن المشهد هذا العام، إلا إنه يعتقد أن الكارثة نتجت عن التزاحم كما تقول أغلب وسائل الإعلام العالمية والمحلية.
يقول البروفيسور كيث لنيوز ويك في اتصال هاتفي «شارع 204 هو أحد الطرق الرئيسية التي تنتهي عند نقطة رمي الجمرات، إذا كان عدد الحجاج الذين يحاولون المرور من خلال هذه الطرق يزيد عن السعة التي يستوعبها الطريق فبالتأكيد ستحدث الكارثة».
«لدينا هنا موقف مأساوي للغاية، حيث أدّى تدفق الحجاج بين الطريقين الرئيسين بما يتجاوز السعة الآمنة التى يستطيع كل طريق تحملها إلى ما يشبه التكتل، لقد بُنيت هذه الطرق لتتحمل ضغطًا معينًا».
شبه البروفسور كيث ماوقع في منى بحادث مأساوي آخر وقع في ستاد هيلزبورو لكرة القدم عام 1989، حيث لقي 96 مشجعًا مصرعهم نتيجة زيادة العدد عن السعة التي تحمّلها هذا الجزء من الملعب، كما شبهها أيضاً بحادثة مهرجان موكب الحب في ألمانيا في عام 2010 والتي نتج عنها سقوط 21 قتيلاً نتيجة تعرض أغلبهم لكسر بالقفص الصدري.
وإذا كان التدافع حقًا هو سبب موت المئات في مِنى، ما الذي حدث في هذه الحالة مسببًا كل هذه الوفيات؟.. وهذا التساؤل له إجابة عند شهود العيان الذين أدلوا بتصريحات متحدثين عن استغلال البعثة الإيرانية لموسم الحج ومنحها بطاقات العمل وإغراءات الدراسة في جامعات إيران لمجموعات إفريقية، كما أنها توزع مصاحف محرفة وحدد شهود العيان أن البعثة الإيرانية دخلت في غير وقتها واختلفت مع رجال الأمن الذين حاولوا منعها إلا أنها دفعت بقوة لأعضائها مما أحدث زحاماً وارتباكاً بين الحجاج أدى إلى تساقطهم إعياءً من حرارة الشمس التي تصل درجة الحرارة فيها إلى حوالي 43 درجة.
أما صحيفة النيويورك تايمز فقالت: إن ارتفاع أسعار النفط جعل المملكة تضخ مئات المليارات على الحج وشئونه وتهيئ السبل مما جعل رحلات الحج غير مكلفة مالياً أدى ذلك لأن يبلغ حجاج هذا العام ثلاثة ملايين، وهو رقم كبير جداً على مساحة صغيرة مثل منى!!.
وهذا يؤيد ما قاله باحث الدكتوراه آن تيمبلتون: «إذا كانت كثافة الحجاج كبيرة جدًا بالنسبة للمساحة التي وقع فيها الحادث، فربما كان السبب هو الضغط الشديد على الضحايا وتعرضهم للدفع أفقيًا ورأسيًا، في ذلك الوقت ربما يضطر البعض للمرور فوق آخرين أو دفعهم لمحاولة التنفس وعدم التعرض للاختناق.. تعرُّض البعض لهذه القوة ربما يؤدي إلى سقوطهم أو اختناقهم وفي بعض الحالات تحطم القفص الصدري».
ومن خلال عدة تحليلات اطلعت عليها يمكن استخلاص بعض الأفكار التي من شأنها مساندة الجهد العظيم الذي تبذله بلادنا -حماها الله- في تطوير شئون الحج العظيمة:
1 - ضبط أعداد الحجاج القادمين من الخارج أو الداخل وعدم التهاون في ذلك من قبل البعثات الخارجية أو الحملات الداخلية.
2 - تعاون البعثات مع الحكومة السعودية وإلزام حجاجها بانفاذ التعليمات بكل دقة وإصدار عقوبات في حق البعثات المخالفة.
3 - زيادة عدد الطرق الرئيسية المؤدية للجمرات.
4 - زيادة مخارج الطوارئ في كل طريق، بحيث يكون هناك مخرج بعد كل عشرة أمتار لتوجد متنفساً عند حدوث التزاحم أو التعاكس في السير.
5 - وجود طرق خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة مزودة بدورات مياه ومساعدين.
6 - وجود بوابات كهربائية وحراسات عند الطرق الرئيسية وأرقام محددة لدخول العدد المحدد والتأكد من انتهاء مهمته في رمي الجمرات ثم دخول فوج جديد.
7 - عدم تسييس هذه الشعيرة الدينية الأكبر على مستوى العالم من قبل أي دولة، ومعاقبة أي بعثة تحدث فوضى وتسيء لهذه الشعيرة الإسلامية التي تتكرر كل عام.