رمضان جريدي العنزي
تواجه المملكة تحديات عالمية متشعبة وكبيرة، هذه التحديات تتكاثر بالنمو والانشطار، دولا وهيئات ومنظمات وأحزابا وفرقا وجماعات، كلهم صاروا موتور ضدنا، حقدا وحسدا وضغينة،
حتى المراهقين واليفع الصغار المغسولة أدمغتهم صاروا يتبعون لمنظمات ومجاميع خارجة عن القانون، صاروا قادة ورؤساء وسلاطين، صاروا فقهاء ووعاظا وإعلاميين عابثين، جاؤونا بنوايا مميتة، وحقد دفين، لوأدنا ودفننا أحياء في كثبان الرمل الواسعة، يخططون على هواهم، ويحشدون على هواهم، ويحرضون على هواهم في السر والعلن، يقمعون على هواهم، ويتهمون على هواهم كل من يخالفهم بالكفر والإلحاد والخبث والزندقة، يحاولون أن يستبيحوا كوكب الأرض والعرض، استعانوا بكل خبير ومخبر وعميل ومدسوس، سواء كان مكشوف الرأس، أو يضع على رأسه عمامة، أو ملتحيا، أو حليقا، أو تستهويه سهرات الليل، أو تجتذبه مراقص الليل، وأوكار المجون، أو من أصحاب السوابق والرذائل، لقد جاؤونا بأعمال يؤطرها الشر منافية لتعاليم الدين الحنيف والحياة القويمة، ظهروا علينا كالغربان، وخفافيش الليل، وضباع الغابة، وتماسيح البحيرات الآسنة، ناصروا كل عدو لنا، وأيدوا صولاته وجولاته، وساروا خلف فلوله، ومارسوا الموبقة والرذيلة باسم الدين، وعلى الرغم من ارتباط هؤلاء الدبابير الشريرة بالحركات والمنظمات المشبوهة، إلا أنهم أوجدوا لهم قاعدة عريضة من الأنصار والمؤيدين، من دون أن يعرف هؤلاء الأنصار والمؤيدون والملتحقون حقيقة من التحقوا به، وإنهم وقعوا رسمياً مع الأعداء معاهدة التعاون المشترك والتفريط بدارهم الكريمة، تخريبها حرقها والعبث فيها، لقد جندت هذه المنظمات التخريبية وبعض الدول المارقة كما هائلا من المشايخ والفقهاء والخطباء والمنظرين والصبية الصغار، وسط كم كبير من إغراءات المال والمزايا والعطايا، لإشعال البراكين الطائفية والمذهبية والعرقية حقداَ وبغضاً وكراهية، لقد أنتج لنا فقههم الضال فتاوي التحريف والتخريف والزيف والخداع، وبرعت مكائنهم الإعلامية في التصنيف الداعر والعاهر والتحريض وقلب الحقائق، الذي يصب في مصلحة القوى الدولية المستفيدة من تناحرنا وتنافرنا واقتتالنا، لقد اشترك مع هذه التنظيمات وهذا البعض من الدول المارقة من هم من بني جلدتنا وفق مؤامرة نتنة كريهة، لقد ظهروا علينا كفرق راديكالية تحاول أن تمزقنا بأعمالها القاصرة والدونية السقيمة شر ممزق، لقد نشروا الفتن الطائفية، واشتركوا في صنع الكوارث مع معظم الكيانات العدائية، لقد اتضحت أبعاد أدوارهم الخطيرة التي أجادوا لعبها بحرفية تامة، بعد أن أعلنوا التمرد على قواعد الدين والوطنية والإنسانية واأخلاق والعرف والمبادئ، ووضعوا أنفسهم في خدمة مخططات الأعداء الكثر، وتحولوا إلى أدوات بيد القوى الاستعمارية الاستعلائية الغاشمة، بل أصبحوا أكثر صلافة ووقاحة من هذه الدول والمنظمات التي أنشأتهم وأوجدتهم وبثت الحياة الشريرة في أجسادهم الخاوية، إن علينا بعد كل ما فعلوه ألا نقف مكتوفي الأيدي، مشدوهي الأفواه، أمام جحافلهم التي تشبه الظلام، الذين يتحينون الفرص لطعننا بالخناجر والرماح وذبحنا بالسيوف والقذائف الحارقة، إنني أتساءل بحرقة وألم: لماذا تحاك المؤمرات حصرياً ضدنا وبأيدي صغارنا وشبابنا؟ لماذا تكثر فتاوي القتل والتخريب وإشعال الحرائق في بلادنا التي هي مهبط الوحي وأرض الطهر والحرمين والسلام، ولا تكثر في غيرها؟ لماذا دمنا مستباح بهوان وبأيدينا لا بأيدي غيرنا؟ لماذا يفكر غيرنا في العالم الآخر التحضير للألفية الثالثة ونحن نفكر في العودة إلى العصر الجاهلي لخوض معارك (البسوس) ومعارك (داحس والغبراء) ونمارس الهياط والنفاق الاجتماعي بصور فجة؟ لماذا هذا الصمت المطبق من كثير من مشايخنا وفقهائنا ومثقفينا وخطباء الجمع أمام ما يحدث لنا؟ لماذا يتفاعل هؤلاء بسرعة فائقة منظمة وجماعية صارخة وغاضبة مع أمور ثانوية لا تذكركـ « تكافؤ النسب « مثلاً، رغم انه ليس من الدين بشيء، ويمارسون الانزواء التام أمام المؤامرات الكبرى التي تحاك ضدنا ليل نهار، وبالسر والعلن؟ لماذا يتلبس هؤلاء جلهم بالمثالية العالية تجاه قضايا اجتماعية صغيرة، ويخلعونها أمام قضايا وتحديات عالمية عظمى تمارس ضدنا بشراسة تامة؟، أرواح جنودنا البواسل تزهق، ودماؤهم تهرق في الميدان وحماية الحدود، وهؤلاء يرفلون بالنعيم والحديقة والزوج والسندس، ومع ذلك لا ينبسون تجاههم ببنت شفة! ولا يكلفون أنفسهم عناء الخطابة! لماذا يستعمل هؤلاء كل عوامل القوة التي لديهم للحصول على منفعة دنيوية عابرة، أو نفاق اجتماعي، ولا يستعملونها من أجل حماية وطن كبير والذود عن أمة عظيمة؟ لماذا نرى نصوصهم إذا جاءت لنا ضعيفة وركيكة وعلى استحياء، وإذا جاءت لغيرنا صارت قوية وسندا منيعا وبلا استحياء؟ لماذا جل هؤلاء المعنيين يرون اللصوص يحاولون الدخول إلى بيوتنا للتجول بها، ويغضون الطرف عنهم ولا يحركون ساكناً إلا اللمم؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟.... إذ يستهوينا الصمت، والرغبة في الانزواء، وانتظار البشع الذي يجيء، فلسنا جديرين بهذا الوطن الكبير وهذا الكيان العظيم الي ارتضاه الله لنا، ولا عزاء لنا بعد ذلك أن ذهبنا ضحية البغاة والطغاة والأقزام الصغار وكارهي الحياة المجانين.