د. محمد بن سعيد العلم
لا شكّ بأن التاريخ سيقف طويلاً أمام شموخ هذه الدولة العظيمة التي أسّس بُنيانها على منهج واضح وعقيدة صافية المغفورُ له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ الذي استطاع - بفضل الله - أن يضع لها موطئ قدم في الخريطة السياسية، ويرسم معالمَ الدولة الحديثة القائمة على منهج إسلامي معتدل، فأضحت دولةً راسخةً في جذور التاريخ، لا تتجاذبها الأهواء، ولا المصالح الشخصية، ولا الانتماءات الحزبية المقيتة.
ومنذ أن أرسى الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - دعائم هذه الدولة الشامخة برؤيته الثاقبة التي اكتست بحنكة سياسية وإدارية، وهو يضع شعبه ومصالحهم في أولوياته مما عزّز علاقة الولاء والوفاء بين الشعب والقيادة. ولمّا كان الهدف «وحدة الوطن»، أصبح المجتمعُ جسداً متماسكاً من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، يجمعه تلاحم القيادة الرشيدة مع الشعب الوفيّ، وعلى هذا النهج القويم واصلَ من بعده أبناؤه البررة الذين لا يدّخرون وُسعاً في دعم مسيرة البناء، والتقدم، والازدهار لهذا البلد المبارك.
وكلّ عام تطلُّ علينا ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية بكل تفاصيلها، مستحضرين أمجاد وبطولات الآباء والأجداد الذين بذلوا كلَّ غال ونفيس في سبيل بناء وطن شامخ يعانق المستقبل بإرادة قوية وعزيمة مخلصة، وفي كل مرة تحضرُ حكمة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - في بنائه المُحْكم لمؤسسات الدولة وتشريعاتها التي تزداد قوة وصلابة بتقادم الزمن، وها نحن هذا العام نحتفل بالذكرى الخامسة والثمانين لليوم الوطني في ظلِّ قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- الذي حقق إنجازات حاسمة محلياً، وإقليمياً، ودولياً منذ أن تولى سدّة الحكم، كأسلافه واضعاً خدمة الوطن والمواطن ونصرة المظلوم من أولوياته قولاً وعملاً، ولا غروَ أن يكون رائدَ الإنجازات في فترة يموج فيها العالم بالاضطرابات، والفتن، والتناحرات الحزبية، وهو القائد الذي تسنّم العديد من المناصب القيادية في الدولة وعاصر جميع الأحداث عن كثب.
ولعل عاصفة الحزم ثم عملية إعادة الأمل حالياً من أبرز المنعطفات التي حظيت بمشاركة مشرّفة لعدد من الأقطار الخليجية، والعربية، والإسلامية، ودعم شعبيّ واسع، فقد وحّدت الوطن، والخليج، والأمتين العربية والإسلامية، تجلّى ذلك في تسابق الصادقين الأوفياء في كل أنحاء المعمورة لتلبية نداء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي جاء قراره استجابة ووفاءً لجار عزيز وحكومة شرعية في اليمن الشقيق. ومن خلال عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل تتجسد العلاقة المتينة بين القيادة والشعب من جهة، وبين حكومتنا الرشيدة وحكومات العالم من جهة أخرى، كما تحضرُ فيها معاني التضحية بالنفس والمال من أجل حماية الوطن، وإكرام الجار، واستتباب الأمن، وإرساء الاستقرار، اُستشهد فيها عدد من الجنود البواسل المشاركين ضمن قوات التحالف دفاعاً عن الدين والأوطان، معلنين بذلك للعالم أجمع أنّ المملكة العربية السعودية داعية سلْم وسَلام، وأن الاستقرار المحليّ، والإقليميّ، والدوليّ أهمّ غاياتها.
إننا بمنّةِ الله وفضله نعيشُ الوطنَ الشامخ الأبيّ كلَّ يوم، وذكرى اليوم الوطني فرصة مواتية لشكر الله تعالى أولاً على ما تنعمُ به هذه البلاد من الأمن والأمان، والخير الوفير، ونحمده بأن المملكة العربية السعودية لم يكن لمحتّل أن يطأ ترابها، ولا لمستعمر أن يحكُمها، وإنّما توحّدت تحت راية القيادة الحكيمة للملك المؤسس عبد العزير بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وجنوده المخلصين من كل أنحاء، ومناطق، وقبائل المملكة الذي قدّموا أنفسهم فداءً لدينهم ووحدة تراب وطنهم، فغدَت هذه البلاد المباركة بعد ذلك ترفُل في ثياب الأمن والاستقرار.
ونسأل الله -عز وجل- أن يوفق قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيزآل سعود، وأن يشدّ أزره بولي عهده الأمين، وولي ولي عهده الأمين، ورجاله المخلصين في كل مكان، وأن يوفّق قواتنا العسكرية، وأن يسدّد رميهم للذود عن حدود وطنهم ونصرة المظلومين، وأن يديم على بلادنا نعم الأمن والأمان والاستقرار.