عبدالعزيز بن سعود المتعب
قبل أيام قليلة وفي مناسبة خاصة جمعت أسماء معروفة في الساحة الشعبية ارتفعت حدّة النقاش وتقاطعت بعض الآراء النقدية من جهة والانطباعية من جهة أخرى إلى حد الاختلاف المقبول الذي ليس له صلة بالخلاف بكل وجوهه، وإن علت الأصوات لكي ينتصر كُلٌ لوجهة نظره، وقد تمثَّل ذلك بأن أبدى أحد النقاد الأكاديميين وجهة نظره النقدية بأن أسماء كثيرة تتشابه، ولا تكاد تُميِّز نهج أصحابها وبأن الابتكار في المعنى والصورة يُصنَّف تحت مسمى (نظم عادي جداً) لا يرتقي للشعر بمعناه الحقيقي، وأن المسألة برمَّتها (عند البعض) بحث عن الضوء باسم الشعر..!
بدليل انتشار - يوتيوبات - ليس لها صلة بالشعر البتَّة، لبعض من قدّموا أنفسهم كشعراء ولم يحتف بهم الشعر كضيوف غير مرغوب فيهم في سماء إبداعه وفضاءات جماله.!
وكل يومٍ هم في تناقض عن اليوم الذي سبقه حتى في مواقفهم وآرائهم، بل حتى في أساليبهم الشعرية التي ليس لها مضمون إبداعي - من منظور نقدي - وأضاف: أقبل أن يختلف موقف الشاعر العاطفي مثلاً في قصيدة الغزل، ولكن ضمن منهجية القصيدة ومدارس الشعر التي ينتمي لها، لا (أن يكون كل يوم له حال). واستشهد بتباين موقف الشاعر العباس بن الأحنف التي اختلف فيها إلى حد التناقض في المعنى بين موقفين ولكن تَوَحَّد الأسلوب بين قوله:
لَكنْ مَلَلتَ فما بصَدِّك حِيْلَةٌ
صَدُّ المَلُولِ خِلاَفُ صَدِّ العَاتِبِ
وبين قوله:
تَرَى الرِّجْلَ قَدْ تَسْعَى إلى مَنْ تُحِبُّهُ
ومَا الرِّجْلُ إلا حَيْثُ يَسْعَى بها القلبُ
ثم أخذ الحديث أكثر من منحى في الشأن نفسه، وتمثّل أحد الحضور بأبيات (لأبي زيد الهلالي) منذ مئات السنين، ليقول بسخرية هادفة: هذا الشاعر لم يحضر وسائل التواصل الاجتماعي.! ولم يكن له ديوان قط، ومع هذا يحفظ أكثر رفيعي الذائقة شعره عن ظهر قلب، بخلاف أصحاب حضور ممل وباهت في وسائل التواصل الاجتماعي، لا يشفع لهم في البقاء في الذاكرة اليومية. واستشهد بسخريته الهادفة بمقولة (العقول الكبيرة تتفق) Great minds agree بعد أن قال من ذاكرته هذا الشعر (لأبي زيد الهلالي) رحمه الله:
ثلاث معانٍ ما وطاهن خَيِّر
لك الحمد أنا منهن ثيابي نظايف
منهن من يضوي على بنت عمّه
وهو سترها الضافي نهار الكشايف
ومنهن اعراض الفتى عن قريبه
إلى مَشَّعُوا حِدب السيوف الرَّهَايف
ولا نيب من يِعطي عَطَاه ويِمنّه
ولو جَاء من المُعطَى أُمورٍ عَنَايف
إلى مَضى الماضي وفات الذي مضى
أخَسّ ما تطري الرّجَال الحسايف