عبدالله العجلان
لا يوجد أغلى ولا أسمى من أن يتزين المواطن باسم وشعار وطنه، يدافع عن ألوانه، يصبح سفيراً له.. لكن الكثيرين - للأسف - لا يدركون ولا يقدرون أبعاد ومعنى وقيمة نيل هذا الشرف، وتحديداً في الشأن الرياضي؛ يظنون أنها مجرد مشاركة في لعبة لا تتعدى حدود الفوز والخسارة، ويجهلون أنهم يؤدون مهمة وطنية، يحملون فيها آمال وطموحات شعب متطلع متحفز، ووطن له مكانته الرفيعة العالية على مستوى العالم دينياً وسياسياً واقتصادياً.
الأمر يشمل مسؤولي المنتخبات وكل من ينضم لأي بعثة مشاركة في بطولة، ولا يقتصر على اللاعبين وحدهم. كما أن للاتحادات دوراً مهماً ورئيسياً في صياغة اللوائح، وإصدار القرارات التي تجبر الوفود على الالتزام والانضباطية في السلوك والممارسة والشكل والمظهر، سواء في الملاعب والصالات أو في الفنادق والمطارات والأماكن العامة. أقول هذا بعد أن صرنا لا نتألم ونتذمر من سوء النتائج فقط، وإنما من أحداث وتصرفات مخجلة، باتت تتزايد وتتفاقم كمًّا ونوعاً، ولا تليق بنجوميتهم ولا بكونهم يمثلون وطناً نفخر ونتفاخر ونعتز بأن أكرمه الله ليكون مهبط الوحي وقِبلة المسلمين والحرمين الشريفين.
لا نجني من الشوك العنب!
إذا أردنا أن نعرف لماذا لا يتطور منتخبنا ويستعيد هيبته ومكانته وحضوره إقليمياً وآسيوياً وعالمياً فما علينا سوى النظر أولاً لمستوى وطريقة إدارته والتعامل معه من قِبل اتحاد الكرة. لاحظوا كيف تتكرر مشاكله في كل بطولة، وربما في كل مباراة تُقام خارج الوطن؛ وذلك بسبب سوء تنظيمه وضَعف شخصية إدارته؛ ما أنتج المزيد من التخبطات في خططه وبرامج إعداده واختيار أجهزته التدريبية والإدارية.
ما حدث من العنزي في معسكر المنتخب، ثم الشمراني في أستراليا، وأخيراً اعتداء هزازي، ثم خروج الثلاثي المولد وشراحيلي وعسيري في ماليزيا، يجسد ويؤكد بوضوح حجم وحقيقة ما أرمي إليه. وإن عجز اتحاد الكرة في الجانب الإداري للمنتخب يعني بلا جدال أنه عاجز عن الجوانب الأخرى الأصعب، سواء في تشكيل وقرارات لجانه، أو التعامل مع الفرق الكروية التابعة له؛ الأمر الذي يشير إلى أننا أمام إشكالية مزعجة ومعقدة، ستجعل الأخضر يستمر يعاني ويتراجع بطولة بعد أخرى..
مؤلم جداً أن نرى زعيم منتخبات آسيا في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، وحتى منتصف العقد الماضي، يتدهور بهذا الشكل المتسارع، ليس ضعفاً في إمكاناته المادية ولا في مستوى فِرق ونجوم الدوري السعودي، بل بسبب الفوضى وغياب الحزم والاحترافية في إدارته. ومضحك كثيراً حينما تكون الأندية أكثر فكراً وتنظيماً ومهارة في إدارة شؤونها من اتحاد كرة ومنتخب وطن؛ بدليل استحالة أن يقوم شراحيلي والمولد وعسيري بالتصرف المتهور الاستهتاري نفسه في فريقي الاتحاد والنصر. وقد شاهدنا الموسم الماضي استبعاد مدرب الاتحاد بيتوركا للقائد والأسطورة محمد نور وزميله حمد المنتشري من معسكر الإمارات بمجرد غيابهما عن أحد الاجتماعات اليومية.
الأخطر والأسوأ مما تقدم أن يخضع ويستسلم الاتحاد والمسؤولون عن المنتخب لنفوذ وتدخلات أندية بعينها، ويتضح هذا من خلال التناقض والتباين في القرارات، وكذلك الآراء والتصريحات الرسمية، كتلك التي تصدر دائماً من المتحدث الرسمي للاتحاد عدنان المعيبد، الذي كشف غير مرة بمداخلاته وحواراته مقدار الازدواجية حد المزاجية في فهم الأحداث والمواقف والتفاوت الفاضح في التعليق عليها؛ ما جعل الكثيرين يشعرون بأنه ومعه الاتحاد يقفون مع أندية وضد أخرى..
سيظل منتخبنا يعاني طالما أنه يدار بأفكار وأدوات وكوادر غير مؤهلة للارتقاء به، وباتحاد لا يستطيع أن يتصدى للمتطاولين عليه والعابثين والمتلاعبين بلوائحه وأنظمته، ولا يتمتع بالاستقلالية التي تسمح له بممارسة صلاحياته واتخاذ قراراته وفق قناعاته لا قناعات وأهواء ومصالح غيره..!