سعد بن عبدالقادر القويعي
باهتمام شابه الترقب، فقد أتت زيارة خادم الحرمين الشريفين -الملك- سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ لوضع النقاط على الحروف، ووضع حد للجدل الدائر حول علاقة القوة العظمى بما يحدث في المنطقة العربية، بل ومستقبل تلك السياسة في حماية أمن المنطقة، ودول الخليج العربي، -خصوصا- بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني بشأن برنامجها النووي ؛ ولأن مثل هذه الزيارات تكون مبنية في الأصل على المصالح المشتركة بين البلدين، فإن التأكيد على رسوخ هذه العلاقة الثنائية بدعم متبادل، وقناعة تامة أمر في منتهى الأهمية؛ من أجل إعادة صياغة العلاقات الثنائية، والحفاظ على مبدأ استمراريتها، مع ضرورة معالجة أوجه الاختلاف.
صحيح، أن العلاقة بين الطرفين شهدت -خلال الفترة الأخيرة- اختلافاً عارضاً؛ بسبب تباين وجهات النظر حول عدد من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، كعدم قيام الولايات المتحدة بتحرك مباشر ضد -رئيس النظام السوري- بشار الأسد، بعد أن قام باضطهاد شعبه، وقتله، وتعذيبه، وتشريده، الأمر الذي ترفضه المملكة، وتطالب بالحزم تجاهه برحيله، ورحيل جميع أركان النظام. -وكذلك- فيما يتعلق بالملف الإيراني منذ قيام ثورات ما يسمى بـ«الربيع العربي»، والتي انطلقت في عام 2011م، ومن ذلك على سبيل المثال: ضرورة تقنين الاتفاق النووي، وعدم تحوله إلى نشاط عسكري يهدد المنطقة، والذي يتنافى مع مبادئ القانون الدولي، والمواثيق الدولية.
في المقابل فإن اتفاق البلدين فيما يتعلق بموضوع اليمن، وأن الهدف الإستراتيجي للبلدين واحد، وهو تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 بشكل كامل، وبدون شروط، ومحاولة الوصول إلى ذلك عبر القنوات الدبلوماسية، أو العمل السياسي، تأكيد على استمرار العلاقات بين البلدين قوية ؛ لتصب في اتجاه المصلحة الحقيقية لكلا البلدين. فواشنطن تعتمد على الثقل السياسي، والدور الريادي للمملكة في منطقة الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق تصنفها كشريك أساس، بل وأبرز أعمدة الاستقرار -الإقليمي والدولي- في المنطقة، بينما تتطلع الرياض إلى أن تلتزم واشنطن بمسار الشراكة في تحقيق الأمن، والاستقرار في المنطقة.
من جانب آخر فقد كانت التوقعات حول بروتوكول الزيارة تتمحور حول القضايا السياسية في المنطقة، إلا أن الجانب الاقتصادي المهم أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر، فشملت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات التي مثلت دفعا قويا للانتقال من الشراكة التجارية القائمة على حجم الواردات، والصادرات إلى شراكات أعمق، وأمتن ؛ ولتسهم في توطين الاستثمارات، والتقنية، وتبني أساليب إدارية متطورة، تعزز من تنافسية قطاع الأعمال في المملكة، وتطورها، -ولاسيما- وأن الاتفاقيات الـ»14» شملت مجالات عدة في قطاعات مهمة، وحيوية، وتركزت معظم بنود الاتفاقيات على تعاون في مجال تبادل الخبرات، ونقل التقنية ؛ للإسهام في توفير المزيد من فرص العمل النوعية للقوى العاملة السعودية.
بقي القول: إن تحقيق الاستقرار هو طريق السلام، والعمل على تأكيد نقاط المصالح، والتحالفات بما يحقق مصالح المملكة العليا، ويؤكد مكانتها حق مشروع. وهذا يقتضي الحيلولة دون وجود الاضطرابات، والفوضى في المنطقة، -وكذلك- الوقوف بحزم أمام تمدد بعض القوى الطامعة في تفتيت خارطة المنطقة، عبر شعارات عرقية، ومذهبية ضيقة.